الفصل السادس والأربعون
التف الجميع حول شذا التى تحتضنها كارلا بقوة و الدموع تنهمر من عيناها وتقبل رأسها دون توقف وتدعى الله لسلامتها، أجاد زيد اخفاء الخبر حتى اقتراب انتهاء حفل الحناء فـ كلما اتصلوا عليه أخبرهم أنها نائمة و مرهقه من الحمل وسوف تحضر على وقت الاحتفال مباشرة، وعندما بدء الحفل وطلبوه كان يتحجج بأنها تتأخر باختيارها الملابس أو أنها تنكد عليه أولا كعادتها منذ الحمل ولكن قلبها مضطربا وبه غصة لا تعلم سببها طوال اليوم التفت تنظر إلى زيد بعتاب قائلة: عمرى ما هسامحك يا زيد على اخفاء تعب شذا عنى، هتقولى الحفلة… قولك كنت قولى انا بس على الأقل أكون جنبها.
_ يا عمتو مش كده، انا كنت معاها ولسه راجعين من المستشفى بعد ما اتأكدت انها كويسه ومافيش قلق عليها ولا على " شريك " الا جواه ده.
هتف زيد باعتراض ممتعض بعد أن ضربه مالك على اسفل رأسه " بالقفا" مزامنه مع حديث أمه… فلقد كانت كارلا لا تتوقف عن السؤال عنهم وعن وصول زيد ولكن عندما زاد قلقها و عدم رؤيتهم لاقتراب انتهاء الحفل أصرت على القدوم بنفسها و عندما رافقها رأف تحت الحاحها لفيلا خالهم كانت الصدمة لها عندما وصلت بنفس توقيت وقوف سيارة زيد. الذى كان عائدا من المشفى مترجلا منها يلتف لصندوق السيارة يخرج كرسى متحرك ليجلس عليه شذا وهنا انهارت كارلا صارخة بقلق وخوف مما أصاب صغيرتها وهاتفت سائر بعد صعودهم لجناح زيد وشذا باكية ولم يفهم منها غير ( شذا… مريضة). وهنا لم يستطيع الوقف أكثر واستأذن من الحضور وغادر واتبعه الباقية.
_ خلاص يا Mom أنا الحمدلله كويسة كفاية بكى.
هتفت شذا بوهن وهى تحاول الاعتدال فساعدتها كارلا مسرعه و هرول زيد باتجاهها ولكن كان سبقه سائر و مالك ومحمود الذى وصل بمنتصف الحفلة و رأف وكانوا كـ حراس الأميرة المهددة بالاختطاف يشكلون حولها جدار منيع أن يلمسها أحدا ولو بخير… نظر لهم زيد بامتعاض وعدم رضا هاتفا بغضب: دى مراتى على فكرة، وحامل منى!
وما تلقاه هى لكمة من محمود الذى لم يتحكم بغيرته سابقا مالك الذى كان أمسكه من ياقته يجذ على أسنانه بغضب قائلا من بين أسنانه: أنت تخرس خالص ومسمعش صوتك والأفضل انك تفارق بطلتك البهيه دى دلوقتى أحسنلك.
لم يعيرهم سائر انتباها بل كان منتشي بأفعل أولاده الرجال وكم تمنى فعلها منذ أن حضر ولكن أمسكه مالك الشافعى حاميا ابنه التف يربت على رأس دميته وعروسته الباربى سابقا كتم ضحكته داخله لقد تحولت ابنته الى "فونا" وتحمل بداخلها "شريك الغول" لقد تحولت تلك العروس الباربى الى غول لا يسد شهيته هتف بهدوء وكأن أمره مجاب ولا يتكرر مرتين: احسن يا حبيبتى دلوقتى.
أومأت شذا بابتسامة مرهقه هاتفه بخفوت: الحمدلله يا Dad.
_ يارب ديما يا حبيبتى.. يلا هتقدرى تقفى ولا أشيلك عشان نمشى.
وهنا لم يستطيع مالك او محمود اسكات او ابعاد زيد عن السرير والذى هرول وهو يصيح قائلا: تمشوا فين يا عمى … شذى مش هتتحرك من هنا.
_ وانا قولت هتيجى معايا ومش هقررها.
هتف سائر بلا اهتمام لرأيه او اعطاء اهتمام لصراخه بل وجد محمود ومالك ورأف يقتربون منه يهتفون بصوت واحد: ابعد يا بابا وأنا هشيلها.
_ لاااااااااا، ده كده كتير…. من الاخر كده شذى مراتى ومش هتخرج من هنا غير بأمرى أنا.
صاح زيد بنفاذ صبر ولكن كان سائر وقف يفسح الطريق لـ محمود ليحملها و وقف بجوار زيد بنهاية حديثه ضاربا اياه بالقفا هاتفا بسخرية وهو يشاور للجميع بأن يستعدوا للمغادرة: ورينى شطارتك ازاى هتمنعنا ناخدها.
_ حيوان مين الا قال ان همنعها تيجى معاك يا بوص.
هتف زيد بتلقائية بعد ضرب سائر له والتف يبتسم بسماجه هاتفا: يا كبير عشان انا بنام بدرى.
وكان هذا ما حدث ولكن لم يستطيع أحد ابعاده عنها ولو سنتى واحد فلقد لحق بـ محمود وحملها منه واتجهه الى سيارته سابقا اياهم على القصر الذى عمه السكون ولكن بقيت الأضواء وفريق التنظيف يعمل بالحديقة… سارع بأخذها لغرفتها حتى يغلقها مسرعا ولا يستطيع أحد الدلوف لهم الا باذنه لقد نفذ أمرهم وأحضرها ولكن لن يرعها أحد غيره الا بأوقات عمله اجبارا.
***************
وصل الجميع خلفه وكلا ذهب الى بيته ليستريحوا الليلة ويتجهزوا للفرح غداً… كانت ضحكاتهم على أفعال زيد تعلوا دون أن تشاركهم كارلا التى تلوم نفسها على اهمال شذا بتلك الفترة الحساسة فـ هذا أول حمل لها طبيعى الا تعلم كيف تتعامل بشهور الحمل وأيضا لم تصر على رؤيتها ملتهيه بترتيب واشراف على الحفل و الاهتمام بـ شهد… تحركت تاركه الجميع متجهه إلى المطبخ تضع إناء لتسخين الحليب التى أخرجته من المبرد و بدأت بسكبه داخل الإناء.
لم تشعر بأن دموعها خانتها وتحررت بصمت على خديها إلا عندما شعرت بكف حانية رغم خشونتها تجفف دموعها وتلتقط منها إناء الحليب الزجاجى و الأخرى تحتويها بمواسها و تطبطب على ظهرها سامعه صوت صاحبها الذى اكمل ما كانت تفعله بيد واحدة: يا حبيبتى متشيليش نفسك ذنب مرضها، ده مكتوب و كمان انتى عارفة ان شذى مهملة حتى لو حوليها ميت راقيب.
_ بس أنا أمها المفروض كنت اهتميت بيها أكتر من كده.
اجابته كارلا بانهيار وهى تخفى وجهها برقبته ملتفته تحتضنه بقوة تتشبث بـ العبائة السيناوية الذى يرتديه تشهق بـ بكاء متقطع ولم تستطيع ان تكتم بكائها وحزنها أكثر من ذلك، انفجرت باكيه بقوة جعلته يشدد من احتضانها بذراع وكفه الأخر يخفض حرارة النار على إناء اللبن وعاد بخطواته للخلف حتى وصل إلى طاولة المطبخ وسحب الكرسى وجلس وأجلسها فوق رجليه ويشدد من احتضانها، يهدأها بكلماته الحنونه والمتفهمه والتى جعلتها تهدأ قليلا ثم ابتعدت واقفه تهتف بتلهف..: أنا أطلع لها اللبن تشربه وكمان عشان أفضل جنبها…
كانت تتحدث تزامنا مع وقوفها تسكب اللبن بكوب شذى المفضل الأزرق مشوب بـ بلورات الثلج والتى تنتهى بصورة لـ إلسا شخصيتها المفضلة بالرسوم المتحركة، ولكن انتفضت على صوت سائر الذى هتف وكأنه عاد لـ صاحب الثانى والعشرون عام الصائع: نعم يا حبيبتى،،، تفضلى مع مين؟؟؟ اهو ده الا مش هسمح بيه… انتى مسيرك لحضن جوزك وهى مسيرها لـ ابن ****** الا انا متأكد من انه تربس الباب عليهم فوق.
_ بتهزر صح!!!.
هتفت بصوت باكى مستنكر هاتفه بامتعاض.: عيب كده يا جبيبى دى بنتى مقدرش.
_ لا…. تقدرى يا قلب سائر لما تجى معايا .
غمز لها بنهاية حديثه ونكزها بخفه بجانبها جعلتها تشهق وهى تتزن بوقفتها حتى لا توقع كوب اللبن وحركت رأسها يأسه منه .
_ يا بوص مش كده … أنت قاصد تنقى الاوقات الا داخل فيها عشان تنحرف فى المطبخ.
هتف محمود بمرح وهو يدلف و خلفه تولين التى اخفت وجهها خلفه بحرج ولكن تفاد محمود من الملعقة الطائرة بالهواء موجهه الى منتصف رأسه ولكن أمسكتها تولين أمام جبهته مباشرة بسبب سرعة بديهتها بعد تدريبات مكثفة بالمنظمة هاتفه بخفوت مرح: خف يا حودة بدل ما البوص يعلم عليك..
ثم هتفت بصوت واضح لـ سائر وكارلا: طب ناخد الماية و نخلى الجو احنا.. احم اقصد نطلع اوضتنا.
التهبت وجنتى كارلا من الاحراج وعدل سائر زيه بكتفيه بكبر هاتفا: أنا بقول إن انتم محتاجين راحة من السفر و الحفلة.
_ انا بقول كده برضوا يا بوص، هو فى حد يشرب برضوا وهو عطشان.
هتف محمود وهو يزدرد رمقه الشبه جاف و التف يدفع تولين لـ تتحرك أمامه مسرعا ليصعد الى جناحهم الخاص دون أن يزيد من سخريته فيجعل أبيه منه جوكر الليلة.
******************
دقات رتيبة فوق الباب سمعها وهو يخرج من الحمام يجفف رأسه بعد أن نال دوش بارد يهدأ أعصابه المشدوده منذ الصباح وثورة جسده المنهك والقلق عليها بعد أن تأكد من خلودها للنوم براحة، اتجه سريعاً إلى الباب يفتحه قبل أن توقظها الدقات وترك المنشفه حول رقبته بعد أن ارتدى بنطال قطني مريح و تيشرت بدون أكمام للنوم أخرجهم من حقيبتهم التى جهزها قبل قدومهم… ابتسم بحلاوة عندما شاهد عمته تنظر له بقلق وتحمل بيدها كوب لبن ساخن يستند على اسطوانة خشبية مخصصة للأكواب هاتفاً بصوت خافت حتى لا يقلق شذى: مكنش له لازوم يا قمر تتعبى نفسك هى نامت بعد ما أخدت البرشام.
ازدرت كارلا رمقها وهى تبعده بكوعها وتدلف إلى الداخل عيناها متلهفه لرؤية صغيرتها دون أن تحدثه بكلمة واحده، هدأت قليلاً عندما وجدتها نائمة بـ إسترخاء على جانبها وتسند انتفاخ بطنها بـ وسادة و تحتضن أخرى بين ذراعيها، ارتخت عضلاتها وهى تزفر وتتجه إلى الكومود بجانبها تترك كوب اللبن فوقه و تجلس على كرف الفراش الفارغ بجانبها تمسد فوق خصلاتها البنية و تنظر إليها تلوم نفسها للمرة المئة على إهمالها و مرضها… نفخ زيد فمه ثم زفر بـ قلة حيلة وهو يمسك بقبضتيه طرفى المنشفة حول رقبته ثم أبعدها و رماها فوق كرسى بجواره ثم اتجه إلى عمته هاتفاً بخفوت: يا عمتو هى بخير متقلقيش عليها.. ( ثم تابع بـ مرح حتى تهدأ قليلاً) تصدقى أنا كنت خايف على نفسى لـ تكلنى من يوم ما حملت وهى اتحولت، كنت عاوز اجى أسألك لو أنتم ضحكتم عليا وبدلتوا شذى الرقيقة حبيبتى.
_ عشان كده سبتها وأهملتها لحد ما تعبت، هى دى الأمانة يا زيد.
لم تبتسم وتستجيب لمزحته بل لامته على عدم الانتباه عليها او حفظها من الهواء كما عهدها يوم زواجهم، رفعت خضروتيها اللامعة بإتهام له ثم أخفضتها تتأمل وجه شذى المتألم حتى بنومها عندما حاولت التحرك ثم ذهبت للنوم مرة أخرى لا تشعر بما يحدث حولها مسترخية بحركة أنمال كارلا بين خصلاتها وتستند بظهرها على ظهر السرير غير أبه بـ زيد الذى بوغت بـ عتابها واتهامها له وعقله يعمل ويتذكر بأنه كان يتركها تأكل ما تريده وهو يعلم أنه ممكن أن يضرها ولكن لم يكن يصمد أمام رجائها و دلالها ويتركها تأكل ما تريد دون أن يضع حد لـ شراهتها التى اكتسبتها مع الحمل حتى امتلئ جسدها و انتفخ بشكل بشع ولكن كانت بـ عيناه أجمل النساء وأخرهم… كل ما نطق به قبل أن يهرب من أمام نظرات كارلا المتهمه إلى الشرفة الشاهدة على عشقهم السرمدي كانت كلمة واحدة من ثلاث حروف ولكن تحمل كل خذلانه من نفسه وعتابه لـ شخصيته الضعيفة أمام توأم روحه: " أسف ".
تنفست كارلا بعمق ثم أغمضت عيناها وهى تتلو بعض أيات القرآن الكريم بـ صوت عذب ألهمت السكينة لقلب صغيرتها و ربيبها ابن أخيها مهما قست عليه فـ هو بالنهاية ابنها أيضاً حتى ولو لم يأتى من رحمها فـ هو يحمل دمائها بالنهاية… كان يجلس بالشرفة يرفع قدمه فوق السور و يضع الأخرى فوقها و يستند بأريحيه فوق الكرسى المصنوع يدوياً وعليه وسائد من الأسفنج المضغوط المريح ويسند رأسه للخلف مغمض عيناه يستمع الى تلاوة القرآن من عمته ويردد ورأها فـ كان أبيه حريص بأن يختم القرآن الكريم كله هو و شقيقتيه وعمته أيضاً ولكن شذى لم تستطيع ختامه بسبب سفرها وأيضاً اختلاطها بالغرب ولكن تحفظ بعضه منذ الصغر.
سكن قلبه و أودع شقه الأخر بين يدى الله حتى يصنه ويحفظها من أى شر قد يلحقها من عثرات البشر.
******************
ابتعد سائر عن الغرف وقرر تركها لتهدأ بجوار الصغيرة بعد أن سمع حديثها المتهم لـ زيد وقرر عدم التدخل الأن، فـ هو إن سلم إبنته لـ زيد فـ لأنه يثق بعشقه لها وخضوعه أمام نظرة رضا وابتسامه من قلب إبنته، لا يلومه بل يعلم أنه بشر والبشر لم يخلق كامل… تلاعب بزجاجة المياه الباردة بين قبضته والذى أحضرها بعد أن تركته كارلا بالمطبخ صاعده وعندما لحق بها سمع حديثها مع زيد فـ قرر الانسحاب ويكمل طريقه إلى جناح وليده الأول ومخلد اسم والده يبتسم بمرح على الأيام التى تثبت له بكل دقيقه بأن العمر فانى بـ مرورها السريع لا يصدق بأنه ينتظر حفيدين واحد من صلب ابنه و تكملة نسله والأخر من قطته الصغيرة، حرك رأسه بإبتسامة ساخرة ثم دق الباب و وقف ينظر بسخريه من قلبه الضعيف أمام أولاده وكأنه يحمل قلب الأم لم يستطيع تركه عطشاً حتى لو أنه متأكد بأنه سينزل ويحضر الماء لنفسه بعد قليل ولكن لم يستطيع فـ حمل زجاجة المياه وغادر المطبخ خلف كارلا حتى يجلبها له… دقيقه وكان يفتح الباب عارى الصدر ويرتدى شورت لـ ركبتيه أسود، ينهج و وجهه أحمر حتى أذنيه فـ ضحك ساخرا هاتفاً وهو يضع الزجاجه بقوة فوق صدره العضلى الذى يصعد وينخفض بسرعه بسبب حدة تنفسه و احراجه عندما شاهد أبيه يقف أمامه يبتسم بسخريه: واضح إنك لقيت بديل للمايه.. بس بردو خد نفسك يا سبع عشان صحتك.
_ بـ.. بـابا!..
_ بابا ايه بقى!! ده أنت الا بابا يا روح بابا.
جف حلق محمود من الموقف الذى وضع به بدون حسبان جعله يقرر أن من الافضل له أن ينفصل بشقه بمفرده مع زوجته ويأتى يوم تجمعهم وينام ليلتها فقط.. حاول بلع ريقه ولكن وكأن شوك واقف بحلقه فـ لم يستطيع أن ينظر مغادرة أبيه الذى يبتسم بسخريه له ورفع زجاجة المياه يبتلعها بقوة مسقطاً المياه فوق عضلات صدره بتوتر جعل سائر يرحمه قائلاً وهو يدفعه للداخل ويشاور له بكفه الاخر ثم أغلق الباب بعد أن وجده متخشباً أمامه بأعين واسعه: باى باى يا حبيب بابا، بكرا الصبح عاوزك فى المكتب ضرورى.
ثم عاد لغرفة شذى وهو يحرك رأسه بأس فـ محمود يذكره بنفسه بكل طباعه مهما مر عليه الزمن يظل ذلك العابث والغير صابور على ما يريد.
دلف من الباب الموارب قليلاً واتجه إلى كارلا التى سكنت و نامت بوضعيتها جالسه ويدها تحرك فوق رأس ابنتها فـ حملها بخفه ثم إتجه إلى الشرفه هاتفاً لـ ذلك الذى سلبه النوم بعد سماعه القرآن الكريم فـ ضرب قدم الكرسى جعله ينتفض واقفاً ينظر حوله بقلق هاتفاً باسم "شذى" ولكن عندما شاهد سائر يقف أمامه يحمل كارلا نائمه والتى حاوطت رقبته ومازالت سابحه بنومها وحرك رأسه بطاعة عندما سمعه يهتف: ادخل نام جنب مراتك وخلى بالك منها.
ابتسم له زيد بامتنان لتفهمه ولم تهدأ نبضاته بعد من استيقاظه بتلك الطريقه وبعدها أسرع يغلق الباب خلف سائر الذى اتجه إلى المصعد لـ يصعد إلى جناحهم الخاص بالدور الأخير من القصر والذى يأخذ مساحة القصر الداخلية كاملة.
اتجه يجلس بالطرف الفارغ بجوارها وينظر لها باعتذار ثم انخفض يقبل رأسها ثم اعتدل نائما بجوارها على جانبه يتأملها ويبعد خصلاتها الشارده على وجهها خلف أذنها ويربت على وجنتها بابهامه ثم ذهب بسبات و كفه يحاوط وجهها بحنان.
**************
وضعها سائر برقه فوق مضجعهم ثم بدأ بفك حجابها و بعدها وقف واتجه إلى غرفة الملابس و أحضر قميص نوم مريح و ملابس نوم له وبدل ملابسه وبعدها اتجه لها وبدأ بتبديل ثيابها حتى تنام براحه ولكن استيقظت وهو ينزل القميص من رأسها فـ ابتسمت له برقه وبعدها انتفضت جالسه هاتفه: شذى.. ازاى سبتها لوحدها.
أمسكها سائر من كتفيها هاتفاً بقوة قليله: شذى مع جوزها لو ناسيه، وأنا وأنتى عارفين أنه بيخاف عليها من الهوا كفايه عليه عتاب.
_ بس…
قاطعها وهو يمرر ذراعها من فتحة الكم وفعل المثل مع الأخر حتى ارتدته بالكامل قائلاً بنبرة تعلم أن الحديث انتهى: قولتلك شذى مع جوزها وأنتى محتاجة راحة عشان بكره يوم طويل.
***************
مر الليل بأحداثه يلج النهار وتسطع الشمس مبتهجة ليوم جديد مشرق مليئ بأحداث متناقضة ومفرحه للجميع…
دقه واحده فوق باب المكتب وبعدها دلف محمود الذى حمحم وهو يدخل ورأسه منخفض لا يقوى على مواجهة أبيه بعد الموقف المحرج بالأمس… ابتسم سائر بمرح قائلاً وهو يرجع بظهره على الكرسى خلف المكتب الزجاجى الأنيق: اقفل الباب وادخل… أنت راجل من ضهر راجل عيب فى حقك تنزل رأسك كده.
أغلق محمود الباب واتجه يجلس أمام المكتب هاتفاً بخفوت حرج: منزلتش راسى ولا حاجه يا بوص، حضرتك طلبتنى.
فتح سائر الدرج بجواره مخرج ثلاث مفاتيح بـ دلايه قديمه بـ رمز شركتهم وقذفها له والتقطها محمود باستفهام وهو يرى وقوف أبيه والتفافه يجلس مقابله هاتفاً بتفهم مرح: من امتى الاحترام ده يا حوده… مش واخد عليك أنا مؤدب كده، دول مفاتيح قصر جدك أنا أمرت المهندس تامر النهارده إن يجدده خلال اسبوع وبعدها يسلمو ليك، وبعدها ابقى خد راحتك فى بيتك يا بابا.
سعل محمود بتوتر وهتف بخفوت متعنت: يا بابا خلاص مكنتش مره قفشتنى فيها والمطبخ يشهد.
اتسعت حدقتيه عندما بوغت بضربة كف فوق عنقه من الخلف من أبيه قائلاً وهو يعدل من ياقت قميصه: تصدق أنا غلطان إن بعاملك على انك صاحبى، غور يلا من وشى قبل ما أغير رأى و أخليك عايش هنا لباقى عمرك.
هرول محمود هو يشكر أبيه بمرح جعل سائر يضحك على أفعاله وبعدها خرج خلفه ليصعد ليطمئن على صغيرته بالتأكيد أيقظتها زوجته حتى تتناول فطورها كما أوصى الطبيب و تناول دواءها، وصدق عندما دلف وجد كارلا تجلس أمام شذى تطعمها بيدها و زيد يجلس بجوارها يتألمها بقلق اقترب منها يحتضنها ويقبل جبهتها قائلا: حبيبة بابى عاملة إيه النهاردة ؟.
ابتسمت شذى بوهن هاتفه بصوت لهث: الحمدلله يا بابى أنا بخير دلوقتى، متقلقيش بنتك قدها.
ضحك سائر بتشجيع هاتفاً ما هو ده العشم بردو يا بنت أبوكى…
ثم التفت لـ كارلا هاتفاً بإبتسامة صفراء تعلمها ألا تجادله: يلا احنا يا حبيبتى عشان نشوف شهد صحت ولا لسه… وسيبى زيد هو يأكلها.
_ امسك هنا… مين الا جايب فى سيرتى.
قاطع اجابتها صوت شهد المرح وهى تدلف إلى الغرفة وخلفها محمود و تولين و رأف ومالك و لاري التى قفزت على السرير جعلت شذى تتأوه وهى تمسك أسفل بطنها وتغمض عيناها بقوة جعلت الجميع يتأهب و زيد يحمل لاري بقوة يبعدها عن السرير صائحا بغضب لم يسيطر عليه بسبب ضغطه وتوتره جعل تولين تلتقطها منه بتفهم وتبتعد عنه هاتفه بأسف جعله يستغفر ويعتذر منها هو الأخر.
بعد التوتر الذى تملك الجميع فـ هتفت شهد بمرح حتى تخفف من حدة الموقف: طب شوشو هروح أنا الفندق عشان التجهيزات بقى… دايما كده سارقة الأضواء منى يا صغنن.
رفعت شذى عيونها اللامعه بـ دموعها الحبيسه قائلة وهى تحاول رسم ابتسامة على وجهها: معلش بقى قدرك أنك تبقى اختى.
_ طب أنا اطول ابقى اخت القمر ده.
هتفت وهى تتجه إليها وتقبلها على وجنتيها قائلة بمرح وهى تجلس بجوارها: يا ستى ولا تزعلى نأجل الفرح لبعد ولادتك ابو الفوار يستنى مش مشكلة.
نجحت تلك المرة بجعلها تبتسم بمرح قاىلة بخفوت: حرام عليكى الراجل خلل جنبك انتو وصلتو لـ التلاتين خلاص.
اجابتها شهد وهى تلتقط شريحة خيار تتناولها بلامبالاه: نخليهم اتنين وتلاتين عشان عيونك.
ضحك الجميع بمرح وزال التوتر وبعدها تحرك الجميع حتى يستعدوا للذهاب إلى الفندق معادا زيد وشذى.
_ عمتو..
توقفت كارلا أمام المصعد عند سماع نداء زيد عليها والذى هتف بعد أن توقف أمامها: معلش ممكن أطلب منك طلب.
أومأت كارلا باستفهام وبدأت تستمع لطلبه الذى جعلها تبتسم.
*******************
_ يا مامى زيد فين؟..
هتفت شذى بعبوس لـ كارلا التى حضرت لها طعام مشوي صحي وبدأت بتقطيع قطعة اللحم و قربت الشوكة تحملها باتجاه فمها ولكن أغلقته باعتراض هاتفه بحنق: يا مامى أنا مش هاكل من غير زيد هو اختفى فين من الصبح احنا بقينا بعد الضهر.
_ زيد راح يخلص شغل ضرورى وزمانه على وصول، يلا بقى كلى عشان تاخدى البرشامة بتاعتك.
اجابتها كارلا مهاوده و هى تقرب الشوكة أكثر تجبر إياها على تناولها وأطاعتها مجبره تمضغها بلا شهيه لأول مرة منذ حملها ولكن جاء صوت مرح يقطع عبوسها هاتفاً: القمر مزعل الشمس ليه؟؟..
_ تعالى استلم شمسك إلا مطلعه عينى بالسؤال عنك من ساعة ما مشيت.
اقترب يقبل رأسها هامسا لها بالشكر ثم قال بصوت عالى: يلا يا كراميله، شهد زمانها مستنياكى ومحتاجاكى أكتر وأنا هفضل مع شذى متقلقيش.
ربتت كارلا على كتفه بحنان ثم وقفت مستعدة للخروج وقبلت رأس شذى هاتفه: اعذرينى بقى يا حبيبتى لازم امشى دلوقتى.
_ ولا يهمك يا مامى أنا فاهمه و مقدرة الموقف.
_ لحظة.. لحظة مين دى يا كراميلا، انتى بدلتى مراتى ولا ايه… لا لا لا أنا عاوز شذى حبيبتى المجنونة العاقلة دى ماتمشيش معايا.
ضحكت كارلا بقوة على حديث زيد المرح الذى جعل ابنتها تضحك وتتناسى مرضها وشدتها.
خطت كارلا باتجاه الباب لتغادر ولكن التفتت تلقى نظره أخيره عليهم وجدت زيد جلس مكانها وبدأ باطعام شذى كـ طفلة يحايلها بالشوكة والطعام حتى تفتح له فمها طواعية وترغب المزيد.
اطمئن قلبها قليلا أن ابنتها بين أيدى أمينة و مركز ثقة حتى لو أخبرته بعكس ذلك.
غادرت تغلق الباب خلفها تعطيهم خصوصيتهم متنهدة تاركة زوج الكنارى بالداخل يهتف الذكر محايل الأنثى فيضحك على عقلها كاسباً قبلها وأن بقى أقل القليل لم يحتله..
_ يلا يلا يلا افتحى أخر واحدة… "هم يا جمل ".
هتف زيد بضحكته الأسره لقلبها وهو يطعمها أخر قضمة من اللحم المشوى و الخضار المشوى فتناولتها مرحبه ثم رفع منديل قماش المطرز بعناية على طرفه بزخرفه رقيقة يمسح به فمها المكور باغواء فطرى جعله يقترب منها يطبع عليه قبلة كـ رفرف جناح فراشة وبعدها ابتعد قائلا: الف هنا وصحة على قلبك يا حبيبتى… يلا عشان أدخلك الحمام تاخدى شور وبعدها نتفرج علي فيلم سوى.
ابتسمت مرحبة بالفكرة و بالفعل بدأ بإبعاد الطاولة الخشبية الحاملة الطعام وتاركها بجانب بعيد عن خطاهم وعاد حاملا اياها متجه الى داخل الحمام.
أجلسها على طرف البانيو و بدأ مساعدتها على خلع ملابسها بعد أن ضبط درجة حرارة الماء وتركها تملئ البانيو وأفرغ من زجاجة سائل الاستحمام برائحة اللافندر التى تحبها و عندما انتهى من مساعدتها على أن تسترخي داخل البانيو هتف بحنو وهو يربت فوق خصلاتها: حبيبتى، هخرج اجيب ليكى هدوم مريحة على ما تخلصى الشاور.
ابتسمت له بامتنان وعيناها تجهر بعشقه الأبدى وتبعته إلى أن خرج وأغلق الباب خلفه.
غاب لـ دقائق طويلة ثم عاد وكان أبدل ثيابه بالتأكيد تأخر لهذا السبب هتفت داخلها بتفكير لم تدعه يطول عندما اقترب منها يوقفها ويساعدها على الانتهاء وتجفيف جسدها وارتدائها الفستان الخريفى بسبب نسبة البرودة القليلة بالجو، شهقة خافته هربت من بين شفتيها عندما حملها بين ذراعيه فـ هتفت به بجزع: زيد كده كتير أنا مبقتش زى الأول نزلنى عشان ضهرك.
ضحك بعبث وهو يحركها كـ طفلة يهدهدها قائلا: لا أبان ضعيف و صغير أه بس نينجا.. إيه رأــــــــ…
انقطع حديثه عندما اصطدموا بالحائط بجوار الباب وكادت تقع من بين يديه فـ صرخت برعب وهى تحتضن رقبته بقوة ولكن وقف يعتدل سريعاً ينظر لها يطمئن عليها و يوازيها بين ذراعيه يكمل بثقة ناسيا ما حدث: بس إيه رأيك؟؟ نينجا مين الا أتقارن بيهم… ده الساموراى نفسهم مفيش بينا اى مقارنه.. ولا انتى عندك كلام تانى؟؟؟.
انطلقت ضحكتها التى لم تستطيع التحكم بها أكثر من ذلك متأوه بوجع وتمسد على انتفاخ بطنها بسبب الانقباضات التى تتزامن مع ضحكها، جعلته يقف يتأملها بشوق لتلك نغمة الفرح و السعاده لقلبه الذى شارك بها نبضه الثائر بعشقها وذكره النبضات الألم المبتدأه بعموده الفقرى جعلته يسرع للخارج يجلسها بأريحيه فوق السرير بمنتصفه وجلس خلفها يجذبها للخلف بين رجليه وبدأ بتجفيف خصلاتها بالمنشفة وهو يهمس بمرح: سمو الملكة شذى تأمر بحاجة.
ضحكت بمرح تحرك رأسها بالموافقة فجعلته يرجع رأسها للوراء هاتفا وكأنه جنى المصباح علاء الدين وهى سيدته: أمرى مولاتى الملكة.
هتفت بعيلاء وهى تنظر لعيناه المبتسمة: وحشنى أنام فى حضنك ونتسلى.
_ بس كده غالى والطلب رخيص.
هتف بعبث و هو يقترب منها فـ أبعدته بكفها المنتفخ بسبب الحمل من كتفه تمتم: يا زوز مش كده اعدل فيوزاتك يا حبى، مش كل حاجة قلة أدب، أنا عاوزه حضنك الحنين والا بتحتوينى بيه كأنى ههرب منك.
ابتسم بعشق نبض مع أول نبضاتها بالحياة عشق لن يفهمه الكثير الا من خاضه وهو مغمض العينين واعتدل خلفها يحتضنها داخل صدره وكأنه يوشمها عليه، تنفس بعمق وكأنه استرجع ضلعه الأعوج واستقام داخله.
وهى تنفست بشعور صعب توصفه بمشاعر لا ؤكفيها مسميات بديهيه لا تعطيها حقها… انفصلو عن العالم ولم تأخذ بالها مما فعل بالصقف الغرفة وهو نسى ما كان يحضره ليفاجئها فـ بحضرتها ينسى كل ما خلقه الله وكأن الله لم يخلق غيرها، لم يفيق ويتذكر إلا عندما هتفت بحزن: كان نفسى أحضر الاستعدادت كلها مع شهد و اشوفها فى الفرح.
فتح عيناه بتذكر وخبط جبهته قائلا بمناغشة يخبط جبهته مع جبهتها: أعمل فيكى إيه؟ بنسى الدنيا بوجودك يا جنية هانم.
انحنى يلتقط هاتفه الحديث و فتحه يضغط بعض تعليمات عليه وبعدها اعدلها بحضنه ورفع الهاتف أمامهم كأنهم يتصورون تفاجأة بـ شهد وهى تهتف بعبث: تعرفى ان جوزك ده مجنون ولولا ان هو ابن خالى القمر كنت علقتهولك على بوابة الخارجية.
ضحكت شذى بفرح وسعادة وهى تهتف بمشاكسه وجراءة وهى تلتفت تقبل وجنته وتخرج لسانها: مالكيش دعوه بيه، متغاظة عشان مافيش منه.
ضحكت شهد وهى تحرك رأسها بلاهدف: وحياتك معايا الفارس العربى نفسه ولو عرف الا جوزك عمله هيتبرع هو بتأديبه انتى عارفه يعنى ايه يركب كاميرات فى كل مكان خاص بالفرح.
اتسعت عينا شذى بقوة لا تصدق فعلته وهنا ارتفع نظرها لسقف الغرفه بسبب جلستها المرتخيه فوق صدره ونظرها للهاتف وجدت بساط أبيض معلق بالسقف مربع الشكل يشبه شاشات العرض ويظهر عليها محادثتها مع شهد وهنا صاحت بسعاده بنبرات عشقها الذى لا يتوقف عن تخلل نبضاتها و أسرها بصندوق وردى مرحبه به بقوة طلما هو صاحبه ولم تأبه أن الكاميرا تصورها كما تظهر شهد أمامها بل التفتت وقبلته بشغف وقوة وكأن حياتها توقفت على تلك القبلة جعلت شهد تحرك رأسها يأسه وأخفضت الهاتف حتى لا يراهم إحدى الحاضرات بالغرفة من خبراء تجميل الى صديقتها ووالدتها مغلقة المكالمة بوجههم تسب قلة حياء شقيقتها التى ازدادت بمعاشرتها أصحاب البشرة الشاحبة والأخلاق الباردة والمنعدمة.
*************
يتبع……
*************
تعليقات
إرسال تعليق