الفصل السابع والأربعون






وما نبض القلب للحياة من قبل إلا مرتين… 

       الأولى بـ نطفة خلقها الله ، والثانية تخصكِ. 



لا يصدق أنه واقف بمنتصف القاعة ينتظر طلتها بالأبيض التى ارتدته لأجله فقط لا غيره، هو فقط سيمر اليوم كما كان يحلم به منذ الصبا وبعدها سيروض فرسته البرية التي لم تروض من قبل فقط ليمر اليوم كما يمر بخياله الجامح الأن، تنفس بقوة و شدد من امساكه بـ باقة الزهور الخلابة والتى رائحتها تنفذ لأنفه فيستنشقها مهدأه أعصابه التى تلفت و تخلت عنه عندما انفتح باب القاعة و سلطت الاضاءه عليه و طلت بالأبيض وكانت تشبه الوصف بالنغمة التى وكأن كلمتها كتبت بحضرتها و وصفتها بـ " زهرة نيسان " وهو سيقطفها من ذراع أبيها الذى يقبض على كف يدها التى تتباطئ ذراعه و تتهدى بمشيتها بأنوثه لم يراها بها من قبل غير مره او اثنين فقط… و عندما وقفت أمامه رفض سائر ترك يدها وشدد بقبضته عليها قائلا بابتسامة صفراء أخفت الحروف التى خرجت من بين ضروسه: أوعى تفكر إن أنت اتجوزتها وأخدتها منى وتقدر تمس شعره منها.. 


ابتسم بحنان وهو ينظر إلى شهد التى تزينت بروعة أظهرت جمالها أكثر مما ينبغى مكملاً: دى خليفتى و بنتى وصاحبتى يعنى يوم ما تمس شعره منها مش عاوز أقولك أنا ممكن أعمل فيك إيه؟. 


لم تخفي ابتسامته التى تملئ وجهه من الأذن للاذن فرحته وعشقه الذى يطوقها بيه بعيناه هاتفا: دى فى عينى يا عمى، مستحيل حد يقدر يأذى روحه وهى طلعت روحى عشان نوصل للنقطة دى. 


ضحكت بمرح و سائر أيضا اما فارس استرسل بمرح: تقدر تسلمهالى دلوقتى بس عشان الهيبه الا ضاعت واحنا واقفين كده.. 


اومأ سائر وهو يمد كف شهد أخيرا مفرجا عنها وعندما التقطها فارس امسك كفها الأخر بيده الاخرى وقربها منه يقبل جبهتها.. قبلة فهمت هى وعده لها بالأمان والاحتواء طوال العمر. 


 شدد من قبضته على كفها الذى يحتضن ذراعه واتجه إلى المكان المخصص لهم وساعدها على الجلوس ثم جلس بجوارها وقبض على كف يدها بين قبضته بقوة بمثابة وعد بعدم تركها لا ينقضه إلا الموت… ابتسمت بحلاوة ولأول مره منذ زمن يراها تنظر له بعشقً يكسوه الخجل وحمرة الوجنتين تطغى على زينة وجهها المليح. 


انطفأت أنوار القاعة و وعم السكون والصمت للحظة كسرها كشاف كبير معلق بالسقف وسلط على باب القاعة الخلفى.. و صدح بأرجاء القاعة صوت السماعات بأغنية تنتمى لكأس العالم منذ سنوات للفنانة الشهيره " شاكيرا" وبعدها ظهور العريس بزى الكورة المكون من تيشيرت بلون فريقه المفضل و شورت قصير و يحتضن أسفل ذراعه كرة قدم ويرتدى بقدمة حذاء رياضى خاص باللعب، دهشه أصابت الجميع جعلتهم يتخشبون بمكانهم يتابعون الاجواء الجديدة والخارجه عن الطبيعة بأن يرتدى العريس حُلة عرس ويدلف على نغمات راقيه… ولكن متى كان يتصف مالك بـ صفة تنتمى للعادات والأصول المتعارف عليها؟.. متى اهتم لحديث البشر إن كان بالخير او الشر؟؟؟ هو " مالك سائر الشهاوى" من لا يهتم لأحد غير عائلته والأن قرر يوم زفافه الخروج عن المألوف وعندما بدأت الموسيقى بالحماس أمسك الكرة وضربها بالأرض بدأت التقاذف أمامه لأعلى وأسفل، التقطها بقدمه وبدأ بمراقصتها على لائحة قدمة بمهارة لم يفقدها يوماً والتحرك للأمام لمكان الإنتظار لتطل عليه عروسه البهيه وعندما اقترب من المكان قفزها لأعلى حتى أسندها برأسه و بدأ بالتحرك دون أن تقع.. وقف مكانه للانتظار فـ قفزها لأعلى ليراقصها من أطراف أنماله اليمنى مروراً بصدره إلى أطراف كفه الأيسر وبعدها رقعها بالهواء ساقطة على قدمه مسدداً ضربة وكأنه يسدد جوول بمبارة عالميه تلقطها نصفه الأخر بمهارة اكتسبتها لأجله… شهقات ملئة القاعة عند ظهور العروس عند الباب المقابل والتى لم يشاهدها أحد عند دلوفها بانشداههم بما يفعله "مالك ".. ولكن لم يروا حتى بأحلامهم ظهور عروس بزى فريقها السابق وتعقد شعرها لأعلى كـ ذيل فرس عربى أصيل و وجهها يخلى من الزينة إلا الحمرة الطبيعية و كحل عيناها ومرطب شفاه أظهر شفتيها الوردية النابضة بالحياة… استلمت منه مراقصة الكرة ببراعة حتى وصلت إلى جانبه وعندها بدأوا بتبادلها بينهم كأنهم بالملعب وعندما انتهوا احتضنها وهو يقف ينظر لأبيه الذى يتابعهم بـ بسمة سعاده وفرح وغمز له تعالت التصفيقات والتصفير من الشباب حولهم وبعدها تجمع فريق راقص حولهم يخفيهم عن الأعين وبدأوا بالأستعراض على أحد الأغانى الأجنبية ولم ينتبه أحد للعروسين الذين اختفوا من القاعة مرة أخرى إلا عندما انطفأت الأضواء مرة أخرى وعندما أضأت كانت مسلطه عليهم ولكن صفق الجميع وتعالى التصفير حولهم عندما وجودهم تجهزوا كعروسين هو بـ التوكسيدو وهى بالفستان الأميرات الملئ باللؤلؤ الأبيض كعروس بحر هاربه. 


توجهوا إلى المقعد الخاص بهم بجوار فارس وشهد الذين كانا يتابعان ما يحدث بابتسامة صادقة وفرحة حقيقة لا يشوبها الغيرة من جذب الجميع الأعين لهم وكأن الفرح يخصهم فقط… لم يشغل بالهم من يسلط عليهم الأضواء بالقاعة بل يكفى أنهم سيجتمعون للأبد بعقد لا يفسخ إلى بإزهاق روح أحدهم… بعثت شهد قبلة بالهواء لأخيها بعد أن جلس بجوار" هنا " وفتح زر جاكت بذلته التقطها بكفه و وضعه على قلبه ثم كادا بفعل هى بالمثل عندما أرسل لها قبله عبثيه ولكن كان كف فارس يسبقها ويقبضه أمامها ثم قفذها بالهواء كـ شئ يشمئز منه والتفت ينظر لها هاتفاً بنزق: مش كفاية حركات العشق الممنوع ده، لحظى إنى قاعد جنبك وفى الكوشة يا عروسة. 


ضحكت باتساع أظهرت صف أسنانها اللؤلؤى على غيرته الظاهره فقررت أن تنهيها بجراءتها المعتادة وتفرج عنه بعد سنوات عجاف ببعدها وعقابها له عندما مالت عليه و حاوطت وجنته بكفها و طبعت قبلة على الأخرى تباطئت بها حتى ضربت أنفاسها الساخنة صفحة وجهه جعلته يبتلع ريقه الذى جف من اندلاع البركان بداخله لن ينطفئ الا باحتضانها و توحيد روحيهما و عودة ضلعه الأعوج داخل أحضان صدره. فهتف بأنفاساً هاربة : أنا بقولك خليكى فى العشق الممنوع احسن ااااه احسن. 


مرت الساعات الباقية من الفرح على فقرات متبادلة بين العروسين وأصدقائهم وسعادة من الجميع. 


************


وقف الجميع يودعوهم بعد انتهاء الفرح و مغادرة المدعوين فـ صعدوا كل زوجين لجناحهم ليقضوا الليل هنا بالفندق و يسافرون بالغد لـ بداية شهر العسل. 


انفتح باب المصعد على العروسين اللذان اختطفوا الأجواء بـ مرحهم و سعادتهم التى ظهرت للجميع انخفض" مالك " يحملها بين أحضانه فـ حاوطت رقبته بـ ذراعيها وابتسامتها الخجله لم تغادرها… وقف أمام باب جناحهم بنهاية الرواق فقبلها على ثغرها قبله صغيرة هاتفاً: هنفضل واقفين كده يا قلبى المفتاح معاكى. 


فاقت من شرودها بملامحه رافعه كفها التى تحمل به الكارت ثم قربته من المكان المخصص لتفتح به الباب لبداية أسطر عشق نبض بقلبها منذ الطفولة، عشق لم يقل يوماً بل يزداد… سطورا بصفحة جديدة فتحت ليكتب عليها أبجديات العشق لينبت بها نطفة تخلده. 


**************

بالطابق الأسفل… 


أغلق باب جناحهم عليهم لأول مرة وهى حلاله، تحمل اسمه، كان يستند بظهره على الباب ويتابعها وهى تحمل طرف الفستان وتتحرك بالجناح المزين والمجهز للعروسين… التفتت تنظر له باستفهام لوقوفه عند الباب وعدم تتبعها للداخل، وجدت نظرة الغموض تملأ وجهه لم تستطيع قراءتها فـ ضمت حاجبيها باستفهام وتحرك رأسها تسأله به؟؟؟ فـ اقترب منها يحاوط وجهها بكفيه الخشنه من تعامله مع الأحصنة وانخفض يقبلها بجوعاً لن يشبع منه مهما ارتوى ، تفاجأت بالبداية ولكن بعدها هدأت وبادلته مشاعره الجمة التى كانت تقابلها بعطشاً هى الأخرى لم تشعر بأنوثتها إلا بجواره ولن تشعر بها إلا معه هذا كان عهدها لنفسها الا تتركها إلى مع من ملك القلب وتربع بداخله… التقطت شهد أنفاسها المنقطعة مبهورة بتلك المشاعر التى تعصف بها معه وله فقط فارسها المغوار، استندت بجبينه على جبينها يصارع بداخله ما يشعر به من جرح رجولته وكبريائه بإختفائها قبل العرس بأيام و بين مشاعره. الثائرة بقربها ليرطب ولو قليل من جفاف سنوات بعدها و ركضه خلفها وانتصر القلب واقترب منها مره أخرى ببدأ ينهال ما يرطب قلبه ولو قليل بقربها ينحى كل خلافاتهم جانباً الليلة، هى زوجته، حلاله ، ولن يتنازل عن ارتواءه منه علها ترطب صحراء قلبه ولو قليل… وسلمت هى القيادة له وتركته يسحبها معه تحت غيمة وردية تراها لاول مره بين ذراعيه فـ أصبحت زوجته قلباً وقالبا. 


      **************


صعد قرص الجوناء يتوسط السماء ينشر دفئه ونوره بالأرض زاهيا متباهيا بقدرته، خيوطه الرفيه تتسلل إلى داخل الجناح يوقظ من تعودت على الاستيقاظ مع الشروق كل يوم حتى وإن كانت لم يمر على نومها إلا ساعة واحدة… نظرت حولها وعقلها يعمل على اعادة تلك الساعات الماضية التى عاشت بهم أجمل الحكايات والأحلام، تمطت بـ ذراعيها وابتسامتها تتسع حتى صارت من الأذن للأذن، خفضت نظرها إلى قميصه الأبيض الذى ترتديه ثم لفت وجهها لجوارها حتى تراه ولكن لم تجده ظنت أنه بالحمام فوقت تعدل من القميص الذى يتعدى خصرها بقليل لا يذكر وتوجهت إلى باب الحمام وقفت أمامه تنظر له بخجلاً يزورها لأول مرة رفعت قبضتها ولكن وقفت بتردد، أ تدق أم تفتح وتدلف دون استأذن سار زوجها حلالها قولا وفعلا… حسمت قرارها بأن تدق الباب مرتين ثم تدلف وبالفعل نفذت قرارها ولكن صدمها أن الحمام فارغ، انحسرت ابتسامتها كلياًّ وبدأت بالتراجع تلتفت بعينها بحثاً عنه بالجناح بأكمله ولكن لم تجده، زفرت بغضب وهى ترفع هاتفها تضغط على رقم 1 ليظهر رقم الطوارئ مسجل بأسمه ولكن لم يقابلها إلا الرسالة المسجلة تفيد بأن الهاتف مغلق… كررت المحاولة لأكثر من ثلاث مرات وبعدها رمته بجوارها وهى تحرك قدمها بعصبية قائلة بتوعد: ماشى يا فارس بتختفى بالوقت ده… وحياة الغالية لمعرفاك مين هى شهد الشهاوى. 


**************


جالس بمكتبه يتطلع على الهاتف وأمامه الملف مفتوح… ظهر أمامه محاولتها للوصول له ولكنه وضعها بقائمة سوداء للبرنامج خاص يظهر له محاولتها للرن والرسائل ولكن يجيبها بأن الهاتف مغلق، ابتسم بتوعد لتلقينها درسا لن تنساه وتعليمها بأنه الرجل وأنها امرأة والمرأة لا تتحرك بدون استأذان زوجها وهى اختفت قبل الفرح وظهرت بكل وداعه وكأنها لم تخطئ ولم تحاول الاعتذار منه، تلك الأيام ولت وانتهى خضوعه لكل خطأ تفعله بحق رجولته وهو يتغضى عنه لأجل قلبه. 


وضع الهاتف وانتبه لـ ملف الصفقة أمامه وبدأ بمراجعته حتى يوقعه ويغادر قبل اقبال الموظفين بمعادهم المحدد… أو بمعنى أصح التفادى برؤية "سائر الشهاوى" كى لا يثير الشبهات لما ينوى فعله مع( خليفة سائر الشهاوى.) 


***************


 بقصر سائر الشهاوى


لأول مرة يجتمعون حول سفرة الطعام وهم يعلمون أن شهد و مالك لن يعود لها إلا ضيوفاً… كلاً منهم بدأ بحياته الخاصة والتى سيزينوها بالحلو والمر مع شركائهم بالحياة، لأول مرة سائر لا يشاغب كارلا وهم جالسون بجوار بعضهم يجمعهم نفس التفكير، رفع رئف عيناه عن طبق الطعام واستند بـ معصميه على طرف السفرة حول طبقه و يد تحمل توست أسمر مدهون بالزبدة والجبن، والأخرى مضمومه قبضته يشجع نفسه على الحديث مع والده ولكن توقفت الحروف بحلقه عند رؤية وجوههم و حضور محمود وزوجته و لارى. 


_ صباح الخير. 


هتفت تولين بـ إبتسامة حلوة و زاد جمالها بـ بروز بطنها الدائرى بسبب ازدياد حجم الجنين برحمها، بادلها الجميع التحية وجلست بعد أن سحب محمود الكرسى و ساعدها للجلوس براحة لتناول فطورها وجلس بجوارها. 


بدأ محمود كعادته منذ زواجهم بوضع الطعام و ملئ كوب الحليب و كأس العصير الطازج فـ هى على عكس شقيقته شذا التى زادت شراهه بالطعام ولكن تولين لفظته بعيدا لا تأكل إلا القليل. 


_ سلام عليكم. 


هتف زيد و هو يدلف غرفة الطعام كـ عادة اكتسبها بعمله بالمشفى الحكومى و بمنزله، كان يحمل حقيبته بيده ومعلق عليها جاكيت بدلته و الأخرى مدها يلتقط من محمود الشطيرة التى جهزها ليعطيها لزوجته وهو يردد السلام عليه كما الباقى ولكن قاطعها وهو يسبه بسبب التقطه الشطيرة حاول أخذه منه وهو يهتف بـ غيظ : هاتها واعمل لنفسك .

 

ابتعد زيد مسرعا قبل أن يصل له قائلاً : عيب كده يا أبو نسب , المقامات محفوظة برضوا أنا جوز أختك.

 

نجح زيد بإخفاء الوجوم وخلق روح مرحه على وجوه الجميع كـ عادته بمناقرته مع الجميع أياً كان رسمت الابتسامة على وجوه الجميع والتفت الى كارلا يحدثها سريعا بجدية: عمتو شذى فطرت وأخدت علاجها ونامت , متقليقهاش دلوقتى تمام , مش هوصيكى عليها على ما أرجع.

 

نظر الى كف محمود الذى يمتد بشطيرة أخرى لزوجته التى احمرت وجنتيها خجلاً من اهتمامه ودلاله لها أمام الجميع ... فـ التقطها بسرعه وهو يغادر قبل أن تمسها تولين هاتفاً بعبث لمحمود الذى احمر وجهه من الغيظ وكاد اللحاق به لولا منعه كف تولين وضحكات الجميع التى صدحت بالغرفة : تسلم ايدك يا أبو نسب أجدع واحد يعمل توست .

 

جلس مكانه يحرك رأسه بلا فائدة زيد هو زيد وإن مات الحمار سيظل زيد , ساد الهدوء على الجميع مره أخرى ولكن كانت مبتسمة بمرح على مناغشة زيد قبل رحيله وابتسامة راحه على وجهه كارلا التى تدعى ليديم المحبة والراحة لأولادها جميعاً ... أوشك رائف على الحديث ولكن سبقه محمود هاتفاً : أنا هروح القصر القديم أشوفه أنا وتولين عشان لو محتاج تعديلات قبل ما نتنقل هناك .

 

_ تتنقل / نتنقل .

 

هتفت كارلا وتولين بنفس واحد ولكن أجابهم سائر بلا مبالاه وهو يضع قطعه من الجبن بالطماطم داخل فم كارلا الفاغر بصدمة : تمام شوف الا تحبه وبلغ بيه المهندسة حلا فى الشركة وهى تخلصة .

التفتت له كارلا بأعين متسعه تمضغ الطعام سريعا لتتحدث لا تصدق أن جميع أولادها يتركوها مرة واحدة بعد أن اجتموا لمدة قصيرة , ولكن قاطعها سائر مرة أخرى وهو يفهم بما تشعر به ولكن لا يحق لها التحكم بأولادها لقد كبرو ولهم الحرية بما يخترون مهما شعروا بانقسام قلبهما ببعدهم ولكن تلك سنة الحياة , دس بفمها تلك المرة قطعة خيار و جبن مالح يعلم انها لا تحبه وبالفعل اشمئزة ملامحها واقفه سريعا متجه إلى الحمام لتلفظها من فمها وتغسله بالمعجون ليبعد طعمها وهذا ما أراده سائر كى يستطيع الحديث معها بعيد عن أولادهم .

التفتت اليه وملامحها مليئة بالاشمئزاز هاتفه من بين ضروسها التى تتضغط على فرشاة الاسنان : انت ازى تعمل كده ؟؟؟ انا فاهمة سبب انك تأكلنى الجبنه دى وانت عارف انى بشمئز منها , ده ابنى الا انت موافق على بعده عنى عااادى.

 

علو صوتها بأخر حديثها ذكره بـ كارلا التى عمل معها سنتان وهى تخطط له , ذكره بتخطيطها ومكائدها حتى تحركه كـ عروس خشبية فوق المسرح ... اغمض عينيه مستغفرا وهو يهتف بهدوء تعلم ان بعده درسا لن تنساه : ابنك كبر واتجوز ومستنى ابنه الا هيكمل مسيرته ... ابنك الا انتى لسه مش قادرة تستوعبى انه كبر واكبر اخواته الا انتى معترضيش على ان كل واحد فيهم يعيش فى بيت خاص بيه , قرار نهائى محمود هيجهز قصر الشهاوى وهيبدأ حياته فيه .

 

انهى حديثه ورجع خطوتين للخلف وهو ينظر لها بنظرة لا تنساها ولا يستطيع احد تفسيرها غيرها ثم التفت مغادرا القصر باكمله تاركها خلفه تنظر له بغابات الزيتون المشتعلة ندما وغضب وكبرياء يليق بها , ندما على علو صوتها , غضباً بسبب عدم تفهمه لها بأن محمود بكرها و المقرب لها بسبب غربته الدائمة بسبب وظيفته القديمة , وكبرياء رافض خطوته التى ينويها ناحيتها بتلقينها درسا لن تسمح له الخصام ولو لنصف ساعة لم تحارب نفسها وراهناتها على امتلاكه حتى يتخاصمون بالشيب .

 

 

     ***************

 

دلف الى الجناح وهو يحمل حقيبة ورقية مطبوع عليها شعار لماركة عالمية للملابس لتفادى النظرات التى قابلها منذ دلوفه الى الفندق بهذا الوقت من الصباح , كان يهدأ ويهيئ نفسه للمواجة مع شهد التى تنتظره الأن بالتأكيد بزعابيبها و شياطينها ولكن تخشبت قدماه عندما شاهد ما يخالف توقعاته و أفسد خطته عندما وجدها مازالت نائمة كما تركها معنى ذالك ان مغادرته بهذا الوقت كانت عبثاً ولم تشعر به ... نظر لها بشك منذ متى وشهد تنام كل هذا الوقت حتى وإن لم تنام الليل .

 

زاد قلقه فـ نظر لها بترقب وهو يهندم جاكت بذلته حتى تعلم بمغادرته وبعدها أوقع الحقيبة بقوة على الأرض حتى أصدرت صوت عالى ولكن قابله بعدها الصمت و زقزقت العصافير بالخارج , زفر بقلق ما سبب نومها الثقيل هذا ... زاد قلقه وانساه ما كان يخططه وأقترب منها بقلق يحرك كفه بقلق على وجهها و كتفها ينادى عليها جعلها تتمطئ بانزعاج بدا له كـ دلال يغريه جعل دقات قلبه بعد أن كانت تهدر قلقاً بدأت تهدر بعنف يشجعه على دفنها بين أحضانه متنعماً بدفئ احضانها حلاله نظرت له بخضرويتين ناعسه هاتفه بـ صوت متحشرج من أثر النوم : صباح الخير يا حبيبى .

 

ثم التفتت بـ دلال أهلك قلبه العذرى بعشقها وأنساه ما كان يخططه لتلقينها درساً وانخفض يلتقط شفتيها المنتفختين طبيعى ومزموتين باغراء يغوى القديس , بادلته عشقه تائهه فى خبرته التى لم تعلم عنها شئ من قبل , متمهلة بمكر حواء حتى توقعه بـ شر أعماله , ستتمهل معه تأخذ منه حتى تعلم ما بفكره وبعدها تسدد له ما فعله معها , لم تشعر بأنها تمادت بفكرها ولم تعد تبادله شغفه الا وهو يبتعد عنها ينظر لها بعيون ناعسه من شغفه وحرارته المرتفعة بسبب قربها منه ورؤيتها بتلك الهالة المبعثرة لكيانة التى تتربع على عرشة وتتحكم به كـ دُمى ولكن أن الآوان أن يعلمها أن لولا هو الملك ما كانت الملكة ... سيطر على انفعالته منتفضاً واقفاً بجوار السرير هاتفاً بالبداية بعدم تركيز : انتى لـ لسه نايمة لحد دلوقتى ليه ؟ فيكى حاجة .

 

كانت تتابعه بعين صياد ماكر لا تعرف سبر أغواره حتى انتهى تمطت بميوعة لم يتوقع أن يجدها بها واجابته بجراءة بعيد كل البعد عن احمرار وجهها الخجل التى تسيطر عليه بقوة : أصل حبيبى شقى وتعبنى معاه طووول الليل .

أطالت النطق بدلال بأخر حديثها المصحوب بغمزة من عينيها التى تشع عشقً له وحده , ولكن تابعها هو بثغرا مفتوح ببلاهه لا يعلم اما يراه حقيقى أم خياله الجامح من يصور له ما يحدث ظل ينظر لها ببلاهة حتى ابتلع ريقة واستعاد ثباته و شخصية الفارس المغوار المستعد لمعركة الفاصلة بحياته العاطفية التى لن تهدأ إلا بترويض تلك الفرسة البرية هتف لها وهو يخرج هاتفه من جيب بنطال البدلة :يلا قومى خدى شور واجهزى عشان منتأخرش على الرحلة .

 

رفعت الغطاء بدلال وهى تجيبه بنعومة : من عنيا يا حبيبى ممكن تطلب لينا الفطار على ما أجهز .

كان يلعب بهاتفه ولكن تخشب مكانه وهو ينظر لها ولنعومة حديثها وما قضى عليه هيئتها المهلكة بقميصه الابيض التى ترتديه ويصل الى بعد خصرها بانش واحد لا يخفى شئ عنه مهما كان حلاله الأن ولكن ليس وقته الحالى يجب اعادة تربيتها أولاً وبعدها ينعم بالدلال ويعلمها تقوسه .

 

       ********************

 

بـ الأعلى بالجناح الخاص بـ مالك وهنا

 

تأوهت وهى تحاول فتح عينيها وتدفع بكفيها ذلك الثقل النائم فوقها , حاولت تحريكه مره واثنان ولكن عند الثالثة لم تستطيع أن تكتم ألمها واختناقها من نومه فوق جسدها بالكامل صرخت بأذنه باختناق جعله ينتفض وينام على ظهره بجوارها متأففاً ثم وضع ذراعه فوق عيناه يغمضها ويكمل نومه وكأن ما حدث لم يحدث ... اعتدلت تنظر له فى دهشه لم تستوعب ما حدث فهو حتى لم ينظر لها ولا فتح عيناه للحظة , هُنا لم تستطيع أن تتمالك نفسها واخفاء روح لاعب الكرة الغشيمة داخلها ورسم شخصة أنوثية تليق بعروس الأن صباحيتها كما أخبرتها والدتها وأوصتها على فعله , نظرت جوارها وجدت كوب ماء فـ جذبته و حدفته فوق وجهه جعله ينتفض بنومته وحلمه الجامح الذى يسرح بخياله بأن هنا حبيبته زوجته وحلاله بعد حربه النفسيه داخله و عائلته ظل يردد الاستعاذة والبسملة حتى يستوعب ما حدث له ولما هو غارق بالماء . اخذ ثلاث دقائق حتى يبعد أثار نومه الثقيل عن رأسه والتفت ينظر لها بانشداه مما استوعبه عقله سريعاً بأنها الفاعلة فـ قبض على ذراعها البرونزى بسبب الشمس و به بعض العضلات النافرة من حنقها عليه , جذبها عليه صائحاً بوجهها : انتى اتجننتى .. انتى ناسية انى جوزك.

_ لا مش ناسية , بس انت الا مش حاسس بالا بتعمله , دا انت كملت نوم ولا كأنى كنت بتخنق من لحظة .

 

هتفت وهى تجابهه ونظرات غضبها ظاهره بوضوح تتصدى بين عيناه التى تحولت للون قاتم ما زالت لم تحفظها منه تلك النظرات ... انخفضت عيناه مستغفراً يهدأ نفسه بعد أن وجدها مازالت كما هى بعد ليلتهم الجامحه لا يسترها إلا غطاء السرير الخفيف ويظهر منكبيها الناعم واللامع و خصلاتها الملونة بالصبغات الحديثة لاق بها اللون وجعلها بعيناه أكثر فتنه واغواء وعيناها التى ينهمر بها العسل الصافى بغضبً من فعلته التى لا يعلمها الى الأن , كادت تتحدث ولكن قاطعها وهو يقترب منها بعبث لم تلاحظه بسبب غضبها حتى تركت الغطاء ووقع مظهراً مفاتن أنوثتها أمام عيناه واستلقت بنصفها للخلف ثانية ركبتيها أسفلها غمغم أمام عينينها : هنا ... يا هنايا , يا حبيبتى خليكى اسم على مسمى , دلوقتى أنا أه جوزك رسمى نظمى فهمى ... بس ميديكيش الحق أنك تنكدى عليا يوم الصباحية .

 

_ أنا نكدية يا مالك .

صاحت باستياء من حديثه فـ حرك رأسه إيجاباً وأكمل حديثه : أه نكدية لما تصحينى يوم صبحيتى كده يبقى انتى المادة الخام للنكد بس..

صمت ينظر لها يتأملها فاتنة ومغوية وبقوة حتى بغضبها وحقها , وجد عيناها يزداد احمرارها مع وجهها دليل على تفاقم غضبها من حديثه فـ أظهر سريعاً روح العابث والماجن ( مالك الشهاوى ) غامزاً إياها بعيناه اليمنى قائلاً : بس ده ميمنعش إنك الحتة الشمال وسيدة الإغواء والافتتان يا هنا القلب .

 

وكـ أى أنثى تغلب عليها مشاعرها وتسحرها كلمات الغزل حتى وإن كان مرتجل يكفى أن تسمعه موجه لها من مالك القلب وخاطفه منذ الصغر ارتخى جسدها وسبلت عيناها وهى تنظر له بهيام وطغى وجهها وعنقها احمرار الخجل , فـ جعله يستند على كف يده ويرفع الأخرى يسحب الغطاء فوقهما هاتفاً : نسيت أقولك على الجووون إلا انتى دخلتيه فى الدورى .

فلت منها صياح مفاجئ وبعدها علت ضحكتها العالية عندما دغدغ جلدها الناعم بجانبها وبعدها عم السكون حولهم ولم يتبقى إلا العالم الوردي الذى يجمعهم بالحلال دون تطفل أحداً عليهم .

**************************   

دلفت الى الشركة تتحرك كـ ملكة رأسها المرفوع يبادل السلام مع الموظفين دون غرور وعندما وصلت الى المصعد وضغطت على زر الطابق المطلوب بدلت الحقيبة ألانيقة والكبيرة تدل على أن بداخلها شئ دائرى كبير و مدت ذراعها أمامها تفتح حقيبة المطبوع عليها أسم ماركة عالمية وتحملها على زندها تخرج منها هاتفها وعبثت به حتى وجدت ما تريده وبعدها وضعته على أذنها تستمع وتحدثت : أنا وصلت . 

استمعت وبعدها أغلقته وباب المصعد ينفتح ... خرجت منه متقدمة بالممر المؤدى الى مكتب رئيس الشركة وعندما وصلت الى مكتب السكرتيرية وجدتها تقف وتحمل متعلقاتها حتى تذهب الى الكفاتريا فهذا وقت الغذاء وعندما رأتها ابتسمت هاتفه : كله تمام كارلا هانم , والدور كله فاضى زى ما طلبتى .

*******************

_ كده التصميم ده خلص نعرضه على الزبونة لما توصل ونشوف رأيها .... رائف , رائف ... ايه يا بنى روحت فين .

 هتف لؤى صديق وشريك رائف بالشركة وهو يحرك كفه أمام وجهه حتى يجذب انتباهه مما جعل رائف يزفر باختناق وهو يستند على ظهر الكرسي وهو يمسح وجهه صاعدا الى خصلاته المنمقة مشعثها مما جذب انتباه لؤى أكثر وجعله يترك ما بيده يجلس باعتدال مولى كامل الاهتمام له وهو يربط على فخذه هاتفا : مالك يا رائف مش عادتك .

_ يعنى لما أخطفها واتجوزها وبعدها أتحبس فى قضية قاصر هيرتاحوا.

أجابه زافر بضيق ونفاذ صبر على غير عادته الهادئة مما جعل لؤى ينظر له مشدوهاً يردد كلماته بغير تصديق : تخطفها … وقاصر .

مد كف يده يتحسس حرارته وهو يقول بنبرة قلقة : مالك يا رائف انت سخن , أطلبك الدكتور .

أغاظ رائف غبائه و سخريته فرفع يده يضرب كف لؤى بقوة يبعدها من فوق جبهته جعلها تصطدم بقوة بالحافة طاولة الاجتماع فصرخ لؤى صرخة مكتومة وهو يقبض على معصمه بقبضة يده الاخرى وهو يستمع لـ رائف و ينظر له وكأنه يقابله لأول مره : مش نقصة ظرافتك يا لؤى عندك كلمة حلوة قولها يا تقوم تمشى , ولا أقولك أنا هقوم أنا .

أنهى حديثه وهو يقف بقوة ولكن جذبه لؤى من معصمه متجاهلاً ألم معصمه حالياً مهادنا اياه : خلاص خلاص اهدا … أقولك تعالى نخرج ونقعد بمكان هادى.


**************


بالمطار …


أنهى معاملات الأوراق وهى مازالت متشبثه بذراعه وتبتسم له بوداعه أقلقته وعندما انتهى من ختم جوازهما ذهب معها ليجلسو بالكفتيريا بانتظار نداء الطائرة .

_ حبيبى اطلبلى اسبريسو و تشيز كيك بالتوت .

نظر لها فارس وهو يجلس مقابلها نظرة يحاول سبر أغوارها بها حتى يعلم ما تخطط له بالتأكيد هذه ليست شهد التى يعلمها كـ خطوط كفه أومأ وهو يشار للنادل يخبره بما يريدون و هى مازلت تتابعه وتهديه أودع وأجمل ابتسامتها مما زاد بداخله الريبه ولكن لن يتحدث إلا ان بدأت هى .

دقيقتين يتبادلو النظرات لم يستطيع الأخر قرأت ما بداخل الأخر والصمت يغلفهما الا من دوشة المحيطة بهما وقررت كسرها هى هاتفه وهى تقف : أنا هروح التواليت وجاية يا بيبى .


لم يجيبها و أومأ برأسه يتابعها وهى تبتعد بخطوات مغناجه جديده عليها و تعدل حقيبة على كتفها حتى اختفت من أمام نظريه ولم يعلم أن( شهد سائر الشهاوى) لا تتنازل عن الأخذ بثأرها ولو كانت هى البادية فـ النهاية عندها …

 

 

**************

يتبع .........

 

******************               




تعليقات

المشاركات الشائعة