الفصل الواحد والأربعون
يا من ملكت الفؤاد و الروح، هل من ترياق الشفاء؟
يا من أودعت قلبى يمين يدك، هل من بديل؟..
يا مالك فؤادى وروحى وقلبى، وعقلى و كيانى ، سلمتك مصيرى دون سؤال، عددت أنفاسى بعيداً عنك وأسرتها فى حضورك واكتفيت بإشباع عيني برؤياك، وإستنشاق أنفى عطرك الساحر الممزوج برائحة الغابات ، اكتفيت بك ، كنت النصيب و القدر من زرع حبك بـ قلبى العذرى وعقلى الصغير.
فـ اكتفيت بك يا وشمى الجميل.
قطرات عرق تتفصد جبينها و تنهمر من جسدها ، رأسها يتحرك بالنفي و جسدها يجاهد حتى تفك قيد يديها و ارجلها الوهمى تجاهد لـ إخراج صوتها المحبوس داخل حنجرتها التى أصابها البكم من الصدمة ، لا يغادر عقلها صورته يوم زفافه من تلك الفتاة الناضجة والمقاربه من عمره عكسها هى.
" كارما" الصغيرة التى ستتم السادسة عشر بعد شهر من الأن ، وكيف لها المقارنة بين عقلها الصغير وتلك الناضجة تماثله، بالتأكيد يسخر من مشاعرها العذرية والمراهقة من وجهة نظره كما الجميع.. شهقت تنزع نفسها نزعاً من كابوسها عندما تطور لمرحلة اكبر من زواجهم بل لـ جعله يقبلها أمام أعينها.
استندت على كفيها ترفع جزعها العلوى وهى تلهث و دموعها لم تجف إلى الأن تنهمر على خديها أثناء نومها أيضاً ، ولم تشعر بوالدتها التى كانت تدلف إلى غرفتها بعد أن بدلت الوعاء الذى تملئه بالماء الفاتر والخل الأبيض و به فوطة صغيرة كى تكمل عمل الكمادات كما طلب منها الطبيب بعد أن وقعت بين يديها فاقدة وعيها و جسدها يرتجف من شددة الحمى التى أصابتها، إقتربت هدير منها مسرعة تضع الوعاء فوق الكومود بجوار المضجع و حاوطت وجهها بكفيها تتمتم بالحمد والشكر لله على إستيقاظها فـ هى نائمة منذ صباح البارحة لم تستيقظ بسبب الحمى و الهلوسة بكلمات لم تفهم منها غير رئف و زواجه من أخرى وبعدها تذهب بـ سبات بعيد.
_ حاسة بـ إية يا حبيبتى، فى حاجة وجعاكى.
همست هدير وهى تضع ظهر يدها فوق جبينها وخدها تستشعر حرارتها التى انخفضت أخيراً بعد الدواء الذى كتبه لها الطبيب سيروم به بعض المضادات و خافض الحرارة، مع وضع الكمادات.، وهى لم تتركها طوال اليوم وعندما علم خالد و أخويها بمرضها.. ظلو بجوارها حتى حل الليل وطلبت منهم المغادرة وستظل هى بجوارها ، لم تخبرهم بـ إنهيارها و حمدت الله انها كانت تهلوس وهم ليسوا بجوارها.
دقائق وإستعادت وعيها تنظر لـ والدتها بنظرات مشوشة نظر حولها تتأكد أنها بغرفتها وأنه كان كابوس بشع لا تتمنى تحقيقه، هدأ لهاثها قليلاً تحرك رأسها إيجابا و تدلك بأصابعها رأسها تهمس بلهاث: دماغى هينفجر، صدااع جااامد.
_ ثوانى هجيبلك الأكل و أديلك المسكن.
هتفت هدير وهى تهرول خارج للغرفة و نزلت الدرجات متجه إلى المطبخ تسخن شوربة الخضار التى جهزتها لها تحسباً لإستيقاظها بأى وقت بعد إنتهاء السيروم منذ ساعة، وبعدما أفرغت بـ طبق مجوف و وضعته فوق الصنية الخشبية الصغيرة صعدت إليها وعندما دلفت وجدتها تتمد داخل أحضان خالد الذى لم يزوره النوم وصغيرته مريضة فجأة ودون سبب بالصيف الذى قليلاً من يصاب به بالحمى، كان يمسد فوق خصلاتها يتمتم لها بآيات من القرآن لعلها تهدأ، وكارما مستكينة داخل حضنه الدافئ و تغمض عينيها قليلاً عل الصداع يتركها.
إقتربت وهى تبتسم بحنان وتجلس من الجهه الأخرى بجوارها و تمسد بكفها الحر فوق فخذها هاتفه: يلا يا كوكى عشان تاكلى و بعدها تخدى المسكن عشان الصداع.
التفت برأسها دون أن تترك حضن أبيها قائلة بصوت واهن ضعيف: مش هقدر يا مامى لو ممكن تجبيه دلوقتى.
أعدلها خالد بجلستها وأخذ الصينيه من هدير حاملاً الملعقة يأخذ من محتوايات الشوربه و قطع لحم الفرخة المقطعة وسط الخضار و الأرز يقربها من ثغرها تزامناً مع حديثه الحنون: طب عشان خاطر بابى تاكلى معلقتين وبعدها أنا الا هجيبلك المُسكن.
إبتسامة باهت رسمت على ثغرها ثم فتحته تلتقط الطعام و المعلقتين تزايدوا حتى الحساء كله و بعدها تناولت الدواء من يد والدتها و الماء، هى مدللة الجميع ليس والديها فقط تشهد بذلك ولكن رغم صغر سنها لا تريد إلا دلاله هو سبب عذابها، ماذا تفعل ليس بيدها بأن جيلها يختلف عن الجميع بمعرفته منذ حداثة سنه يعلم كل شئ بسبب الإنترنت و مواقع التواصل الاجتماعي لم تدع للأيام لتعلمهم كل جديد بل يعلمون كل شئ حتى العشق والتلاعب والإخلاص و كل ما لم يخطر ببالكم.
أعدلها خالد حتى تنام و هدير تمسك الغطاء الخفيف تدسها داخله ولكن لم تكاد تغلق عينيها وجدتها فارس وهنا يقتحمون الغرفة حتى يطمئنوا عليها بعد أن غفلت أعينهم قليلاً وإستيقظوا على ضوء الصباح.
*************
التف الجميع حول طاولة السفرة يتناولون فطورهم قبل أن يتفرقوا كلاً لأعماله.. قاطع مشاكسة سائر لكارلا كالعادة صوت مالك الذى هتف بتذكر: صحيح يا بوص.. كارما مريضة من امبارح.
إنطلقت النظرات الفضول لـ مالك إلا شهد التى نظرت لـ رئف و خبطت ساقة بقدمها بعد أن كاد ويتهور ويظهر للجميع عشقه لتلك الصغيرة، تأوه بصمت و انخفض يمسد ساقه مكان ركلتها القوية وهو يستمع إلى أخيه الذي يجيب كارلا على سؤالها ما مرضها؟.: " هنا " قالتلى ان هى سخنت فجأة و نايمة من امبارح الصبح.
كاد ينتفض من مكانه واقفاً ولكن اعتدل بجلسته عندما أوقفته شهد وهى تهتف و تركل ساقه مره أخرى: خلاص كلنا نروح نزورها دلوقتى ولا إيه رأيك يا مامى.
_ طبعاً يا حبيبتى نخلص فطار ونمشى..
وافقتها كارلا وهى تومأ برأسها وتنظر إلى سائر الذى أخفض أهدابه بموافقة.
*****
أنتهى الجميع و ذهب كلاً بسيارته كارلا بجوار سائر بسيارته و السائق بالأمام و خلفه محمود و تولين ولارى بسيارته و مالك بسيارته ، أما شهد قررت الذهاب مع رئف حتى تتحدث معه.
كانت تجلس بجواره تنظر لـ سرعته حتى أنه تخطى الجميع يسابق الرياح حتى يذهب ويطمئن عليها.
_ إدخل يمين.
هتفت شهد وهى تنظر أمامها بهدوء ولكن قابلها صوت رئف المتأفف: مش وقتك يا شهد.
_ إحود يا بنى أدم بدل ما أعرفك ازاى تكلمنى بالاسلوب ده.
تأفف وهو يفعل ما أمرته به حتى ينتهى منها و يذهب توقف أمام محل ملئ بالزهور الساحرة ورائحتها الخلابة تملئ المكان نظر لها بإستفهام فهتفت وهى تترجل من السيارة: يلا أنزل عشان تحاسب ولا ناوى تروحلها وايدك فاضية.. تقول عليك بخيل من أولها.. يلااا.
أنهت حديثها وهى واقفه تنظر له وتستند بكفها على الباب المفتوح وبعدها أغلقته و اتجهت إلى الداخل لحق بها مهرولاً لا يصدق أنها تساعده وبعد مرور وقت ليس بقليل كان يقود السيارة يدور بها حتى يعود أدراجه ويذهب لـ كراميلاته الذى وقف عند سوبرماركت قابلة وترجل من السيارة مرة اخرى يشترى لها الكرميل والشكولاته التى تحبها وبعدها انطلق دون توقف مره أخرى بسيارته حتى وصل لداخل الفيلا،أوقف السيارة بالمكان الخاص بوقوف السيارات وجد أن الجميع وصلو قبله ودلفو إلى الداخل.. ترجل مسرعاً من السيارة يهرول الى تلك الدرجات الصغيرة يصعدها حتى يدخل ولكن توقف يتأفف عندما سمع صياح شهد بأسمه إلتف لها وجدها تستند بظهرها على السيارة وتبتسم بتسلى تهتف ساخرة: يعنى لما تطلع بإيدك فاضية تقولهم سبب تأخير إية طمعت فى الورد والشكولاته.
أغمض عينيه بقوة يستغفر ربه و يحرك قبضتيه بالهواء بغيظ ثم عاود إلى السيارة يحمل ما فيها من حقائب و الورود العطرة المريحة للأعصاب و أغلق باب السيارة بقدمة بقوة وبعدها هرول إلى الداخل عاقد النية أنه لن يجيب أى أحد يناديه إلا بعد أن يطمئن عليها.
فتحت لهم الخادمة مرحبة بهم سألتها شهد عن الجميع، فـ أخبرتها أنهم جميعاً بغرفة كارما ثم أشارت لهم بإحترام حتى يصعدوا لينضموا إليهم.
دقت شهد فوق الباب المفتوح هاتفه بـ مرح مغيظة الواقف خلفها ولم يظهر أمامهم : كراملة قلبى والا قلقانى عشان تعرف غلوتها عندنا صح.
ضحك الجميع عليها ورحب بها وصدح سؤال كارلا لها: أتأخرتوا ليه يا شهد دا أنتو كنتم سابقنا.
التفت شهد تنظر بإتجاه الباب وجدت أن اخيها لم يدلف بعد علت نبرة صوتها قائلة: رئف صمم أن هو يشترى ورد و كراميل عشان كراملة… احم أقصد كارما.
صدحت ضحكت الجميع ودلف رئف متوتراً رحب الجميع به إلا أربعة يعلمون أن شهد لم تهتف هكذا عبثاً.. كانت هدير تنظر له تتمنى أن تقف تعطيه قلماً على وجهه بسبب معاناة صغيراتها و " هنا " تضحك بعبث وتغمز له، انتفضت على قرص "مالك" لها بخصرها وهو يقف جوارها.
_ أدخل يا رئف واقف مكانك ليه.
هتف بها خالد دون أن ينتبه لتوتره وتمنيه أن تخلوا الغرفة إلا منها هى معه فقط ليطمئن عليها براحته بدل ذلك التوتر والقلق الذى يأكل داخلة.. حمحم وهو يتقدم من المضجع التى تجلس عليه نصف جلسه و يحاوطها من الجانبين هدير و كارلا، إقترب من الجهه القريبه منه وكانت تجلس بها هدير التى كانت تنظر له بضيق بسبب أنها تعلم أنه السبب الوحيد بمرض صغيرتها، إقترب يمد ذراعيه بالورد وأكياس المليئة بالكراميل والشكولاتة والحلوى التى تحبها قائلاً بقلق ظهر بوضوح فى صوته: ألف سلامة عليكى يا كارما، قومى بسرعة وبلاش تقلقينا عليكى.
أمسكت منه الورد وهى تنظر له بعتاب و عشقها العذرى ينطق بالألم داخل عينيها التى تعاتبه بها، أومأت برأسها تجيبه بخفوت وهى تشعر بذراع والدتها التي يشتد حولها: شكراً.
إبتعد وذهب يجلس مقابلها فوق كرسى باللون الوردى كما غرفتها كلها.
_ طب عن إذنكم أنا لان فى إجتماع مهم النهاردة ولازم أتمم على الأوراق.
هتف بها فارس وهو يتحرك بإتجاه الباب بعد أن أشار لـ شهد أن تتبعه.
_ طب يا جماعة عندى معاد في الوزارة ولازم أمشى ألف سلامة عليكي يا كراملة.
هتفت شهد بعد خروج فارس مباشرة و هى تحرك ذراعيها ببلاهة لا تليق بها متقدمة خطوتين باتجاه الباب تفر مسرعة خلفه ولكن صدح صوت سائر الساخر يوقفها قبل أن تخطى خطوة للخارج: معلش يتأجل، لسه عايزك تقعدى شوية.
عبست بوجهها و أغمضت عينيها بقوة من ذكاء والدها الذى لا يمر من أمامه الهواء دون أن يشعر به، إلتفت تنظر له ببلاهة قائلة: هيتأجل إزاى يا بوص هو معاد مع عملاء، دى وزارة يا بوص وزاااررة.
_ لا يا تلميذة البوص هتيجى تقعدى جنبى و الحيوان إلا واقف جنب الباب هيروح الشركة.
بدأ كلامه وهو يربت فوق الصوفا بجواره و أعلى صوته بنهاية حديثه حتى يسمعه فارس الذى كان يقف يستند فوق الحائط بجوار الباب من الخارج.
حمحم وهو يقف ويظهر أمامهم قائلاً: تسمحلى يا عمى أخد شهد أوصلها الوزارة.
_ لأ.
_ يا بوص.
_ قولت لأ، كان لازمتها إيه الفيلم ده من الأول، البيه بيقول إجتماع مهم، يعنى هيبقى فى إجتماع مهم وأنا معرفش أو أبوه..
أنهى سائر حديثه الساخر وهو يحاوط شهد بذراعه حول كتفها حتى يقيدها مكانها أما فارس الذى إحمرت رقبته وأذنيه بسبب أن كشفت كذبته أمام الجميع ولكن برقة عينيه وهو يسمع أبيه يهتف: فرح فارس وشهد مع مالك وهنا يا سائر.
_ والله أنت عارف إن أنا بحبك صح.
هتف بها فارس وهو يتقدم من أبيه يحتضنه بقوة ويقبل رأسه.
_ ده إلا هو بعد أسبوعين صح.
_ أيوة يا سائر.. أنت قررت معاد فرح هنا وأنا وافقت ومعترضتش وأنا كمان عايز أفرح بـ فارس ولا إيه رأيك.
إبتسم سائر على صديق عمره الذى يلمح له بأنه لم يعترض عندما حدد فرح إبنته الكبرى فقرر أن يردها له ولكن لما ينكر أنه فكر هكذا أيضاً يريد أن يرى بكريته بـ فستان زفافها.. أومأ مبتسماً قائلاً: مافيش مانع.
صاح الجميع فرحاً و يبارك لهم ولكن كانت فرحة هدير ناقصة بسبب تفكيرها بصغيرتها التى تبتسم الآن بوهن بسبب مرضها.
*************
انسحب الجميع من الغرفة تاركين كارما حتى ترتاح قليلاً و تجهز خالد وسائر للذهاب إلى الشركة ؛ جلست هدير بجوار كارلا تنظر لـ رئف الذى يجلس بمقابلها و يضم قبضتيه بقوة من التوتر من نظراتها ، إنتظرت هدير أن غادر مالك وهنا حتى يوصلها لعملها و فارس الذى سحب شهد من يدها محلقاً بها بعيداً عنهم بعد أن تأكد معاد الزفاف مع شقيقته ومالك .. إستنشقت الهواء بقوة ثم زفرته وهى تهتف من بين ضروسها حتى لا يسمعها خالد الذى ذهب مع سائر إلى مكتبه حتى يريه بعض الأوراق الهامه الذى كان يعمل عليها قبل ذهابهم للشركة : أنت عارف إن بحبك زى فارس يا رئف ، بس توصل لـ كسر قلب بنتى يبقى هنسى حتى إن أنت إبن صاحبة عمرى.
أغمض عينيه و تفاحة آدم تتحرك صعوداً وهبوطاً بسبب محاولته لإبتلاع تلك الغصة التى كبرت داخل حلقه أكثر بعد سماع حديث هدير.. فتح عينيه ينظر لوالدته التى هتفت بصدمة وهى تنقل أنظارها بينه و بين هدير: أنتى بتهزرى يا هدير، كسر قلب إيه و ماله بـ رئف ممكن أفهم.
_ إسألى إبنك ماله بـ بنتى إلا بينهم تسع سنين.. البنت منهارة ومرضت بسببه.
هتفت هدير بنفاذ صبر وقلق أم ، إنتفض رئف من مجلسه يركع أمامها ويمسك يدها يدافع عن عشقه الصافى الخالى من الخداع خرجت نبرته متحشرجة مليئة بالعشق: والله العظيم ما بضحك عليها ، أنا أموت ولا أشوفها كده ، طنط أنا مقدرتش أبعد أو أنساها ، بموت بالبطئ وأنا عارف إن هى ممكن تكون لغيرى..
إزدرد ريقه يبتلع تلك الغصة التى تكاد تقتله وأغمض عينيه يستجمع شجاعته مسترسلاً بنبره راجية بعد أن نقل نظره بين كارلا المصدومه و هدير الباكية بصمت و تشيح بعينيها بعيد عنه حتى لا تلين فـ هى إبنتها وصغيرتها: تعرفى أنا من إمبارح بحاول أشوف حل عشانها هى مش أنا، أنا لما حاولت أبعد كنت بقرب أكتر من غير ما أعرف.. طب طب أعمل إيه بس من غير ما هى تتعب أو أموت أنا بعيد عنها.
ترك يدها وإقترب من كارلا التى كادت عيناها أن تخرج من محجريهما من صدمتها ودهشتها من الخبر الذى أشبه بالصاعقة " رئف و كارما " تلك الصغيرة المنعشة و مريحة للنفس من رقتها و هدوءها وخجلها الدائم.. تلك التى تشبه العرائس البلاستيكية الساحرة سمعته يهتف بترجى و هو ينظر لعينيها بعيناه التى لمعت بعبره يحتاجزها حتى لا تنهمر دون توقف، يترجها أن لا تتركه وتساعده وترجمه لسانه الذى هتف: طب أنتى يا أمى ساعدينى من غير ما تبعد عنى، مستعد أعمل أى حاجة غير إن هى تبعد عنى.
رفعت كفها تحاوط وجنته تربت عليها قائلة: طب أنت متأكد من مشاعرها ليك.. ممكن!. ممكن تكون مشاعر مرهقة و بكره تنسى وأنت إلا هتتعذب بيها.
رفعت وجهها تغمض غاباتها التى تكاد تنحرق بسبب حيرتها ثم نظرت إلى هدير هاتفه: إنتى عرفتى إزاى يا هدير.
جففت وجهها وهى تهتف: إنهارت إمبارح و بدأت تهلوس ولما سألتها قالتى رئف خانها و هيتجوز غيرها أكبر منها.
_ والله ما حصل.
هتف رئف بصدمة مما يسمع و ينتفض واقفاً.. قطع حديثهم خالد وسائر وهم يدلفون الغرفة عليهم نظر سائر لهم بتفحص و إقترب من كارلا الذى يقف أمامها رئف بتأهب وكأنه كان يدافع أو سيهجم على أحد ، سمع خالد بعد أن وقف بجوار هدير يربت فوق كتفها بقلق متمتاً: مالك يا هدير حصل حاجه؟؟.
نقلت نظراتها بينه وبين كارلا و رئف ثم نظرت له.
*****************
أوقف سيارته بالمكان المخصص لـ الوقوف للمطعم الذى لا يدخله إلا أصحاب الطبقة المخملية ؛ جالسه بجواره تنظر له بعشق كانت تنكره و تكابر لطرده خارج قلبها ولكن إنتصر بالنهاية على عندها وكبريائها إبتسامتها السرحه لا تختفى من فوق ثغرها منذ خروجهم من الفيلا لا تجيبه إلا بإمأت رأسها فقط تتأمله وكأنها لم تراه من قبل.
إلتف ينظر لها بعد أن صف سيارته وعندما وجدها على تلك الحالة أسند ظهره على الباب بعد أن فك حزام الأمان وربع ذراعيه أمام صدره رافعاً كفه يمسك بأنماله ذقنه المهندمة بشعيرات صغيرة قائلاً بـ عبث : أنا عارف إنى حلو وأتعاكس..
صمت قليلاً ينظر لها وهى تعود لأرض الواقع من تأمله على كلماته فـ استرسل وهو يمد نفس أنماله يقرصها بخدها الأيمن ويضحك: بس كله بيختفى ورا ضؤ قمرك يا شهدى.
زادت ضحكتها وهى ترفع كفيها تحاوط وجنتيه وتحرك رأسه ببطى يمين و يسار قائلة تغيظه: أنا عارفة يا حبيبى.. يلا ننزل قبل ما أروح المكتب عشان عـ…
_ يخرب بيت رغيك.. قولتى ايه؟!.
قاطعها وهو ينظر لها وعينيه تتسع بقوة بعد كلمة ( حبيبى) وباقى حديثها طار من النافذه المفتوحة خلفه أخذه معها عقله و تركيزه ؛ نظرت له بغباء وكأنه نمى له رأس غير رأسه هاتفه وهى تضحك وتتحدث من بين أسنانها و تحرك رأسه يمياً ويساراً : مالك يا حبيبى مــ…..
_ بااااااااااس كده ، قولتيها مرتين لواحدك كده كتير.. اقفلى بوك الحلو ده على كده مش عاوز أعرف ولا أسمع حاجة تانية.
صدحت ضحكتها العالية مرجعة رأسها للخلف بسبب ضحكتها و كفيها ينخفضان من وجنتيه ببطئ بسبب عدم سيطرتها على ضحكتها بعد أن فهمت لما إندهش هكذا ، ضاع هو بضحكتها و بريق عينيها الأخضر الصافى حتى سيطر على إنفعاله و الحراره التى إجتاحته بسبب تركيزه على ثغرها الذى يشتهيه ولكن محرم عليه الأن و حضنها الذى جربه مره و زاد جوعه إليها أكثر، نفض يدها بقوة على رجلها بعد أن كانت استقرت واحده على نحره و الأخرى على صدره وإلتف كمن لدغه عقرب يفتح الباب ويترجل تزاماً مع برطمته التى سمعتها هى وبؤبؤى عيناها يكاد يخرج من محجريهما من صدمتها بسبب قذفه ليدها بتلك القوة : وتيجى فى الأخر تقولى بابى… أنا بموت هنا وهى بتدلع.
*******************
_ بعينك لو عدت تلمسنى.
هتفت بها " هنا " وهى تقفز حرفياً خارج سيارة "مالك" الذى أجبرها على الجلوس بداخلها ليوصلها لمكتبها.. زفر بغيظ منها وترجل خلفها هاتفاً بنزق: يا كابتن أستنى، يا بنت أنا جوزك.
هرولت مسرعة تضغط على زر المصعد حتى فتح و دلفت داخله تغلقه بسرعة قبل أن يصل لها وعندما وصل أمامها و ينغلق الباب وجدها تخرج لسانها له وتستند على الحائط المعدني بانتصار، ركل الباب بغيظ و عض قبضته وهو يتوعد لها ثم لمعت عينيه بمكر وقرر ملاعبتها حرك رأسه وهندم جاكيت البدلة الرمادية وتحرك بإتجاه السيارة هاتفاً: ماشى يا كابتن " هنا" يا أنا يا أنتى وهخدها يعنى هخدها.
*****************
رفرف بأهدابه منزعجاً من تلك التى تجلس فوقه و و تضايقه بـ شىء ناعم داخل أذنه و بعدها يتحرك حتى عينيه و أنفه نزولا لـ رقبته؛ زفر بنفاذ صبر هاتفاً: بس يا ملك بدل ما أقوم أصبحك.
صدحت ضحكتها العالية الساحرة من قلبها التى لم يسمعها منذ دهور تكفى لموت قلبه والذى أعادت له الحياة.. عقد بين حاجبيه بصدمة وهو يستوعب الأن ، أن إبنته لم تجلس فوقه من قبل بتلك الحرية مهما كانت قريبه منه مازال هناك حاجز البعد، فتح عينيه ببطئ غير مصدق تلك الضحكة التى تداعب قلبه ترجعه صاحب الثالث والعشرون عاماً الذى انبهر بتلك الساحرة الصغيرة المتمردة صاحبة السادسة عشر عاماً ، اتسعت عينيه بصدمة وهو ينظر لها كانت شادن تجلس فوقه تربع رجليها و تمسك بطنها و ترجع رأسها للخلف بسبب ضحكتها ، ظل يتأملها غير مصدق وكأنه بحلم جميل يأبى الاستيقاظ منه .. هدأت ضحكتها تدريجياً وأخفضت رأسها تنظر له وعندما قبض على شكولاتها اللامعة بين سمائه العاصفة بعشقها ظلت تنظر له وكأنها تراه لأول مرة.. ابتسمت بصفاء له لقد قررت تنفيذ ما أخبرتها الطبيبة به عندما وجهت لها سؤالا صدمها ببدايته هاتفه: طب هنعتبر إن مروان معملش معاكى كده و أنتم كنتم لسه فى مرحلة حب الشباب اللي قولتيلى عليها!!.. إيه هى الحاجات إلا كنتى عاوزه تعمليها معاه؟؟.. أو مثلا كنتى هتقوليله خبر حملك إزاى؟؟؟…
إتسعت حدقتيها وقتها لا تصدق لقد كانت ترسم حياتهم بالكثير من التدلل والعبث بين الأزواج الحلال غير أصدقاءها بـ الولايات المتحدة يعيشون بدون رابط بينهم.. رفعت عينيها اللمعه تنظر لطبيبتها التى هتفت: أنا مايهمنيش أعرف تفاصيل بس عاوزاكى تسرقى فرحتك من الزمن.. عاوزاكى تعملى كل إلا أنتى عاوزاه متحطيش عقدة السن قدامك.. أنتى لسه صغيرة ومش معنى أنك أم.. أنك تدفنى نفسك و متظهريش غير المثالية.. إحنا بشر والبشر عمره ما كان مثالى.
غادرت عيادتها وهى ترجع كلماتها برأسها كـ شريط مسجل علق على تلك الجملة( إسرقى فرحتك من الزمن).. وبعدها مر الليل وهى تفكر بالحياة التى كانت تتمنى تعيشها مع مروان.. مر باقى اليوم وهى مصدومة من النتيجة التى عرفتها قبل ذهابها للطبيبة لا تعرف لما لم تخبرها به وكأنها أرادت أن يكون أول من يعلم.. قضت باقى اليوم وهى تفكر حتى أنها حاولت النوم بعيد عنه ولكن رفض هو وجذبها بين أحضانه قائلاً: ما بقاش فى العمر أد إلا راح ومستحيل أسيبك بعيد عن حضني ولو لحظة حتى لو زعلانه منى.
إكتفى بها وأغمض عينيه وهو يشدد على أحضانها كأنها ستطير بعيداً عنه وتهرب مرة أخرى.. قررت بعدها أن تفعل كما أخبرتها الطبيبة وعند إستيقاظها وإنفلاتها من بين ذراعيه الغليظين المليئين بالعضلات.. دلفت إلى المرحاض عدلت من شكلها وغيرت ملابسها لـ قميص نوم من الحرير الأزرق يشبه عينيه يصل إلى ما قبل ركبتها و يكشف عن كتفيها بسخاء وحبلين رفيعين مستندين عليه ولكن يخفى منطقة الصدر لتثير فضوله وبعدها جلبت القلم الريشه التى تحتفظ به منذ صباها و جلست فوق بطنه مربعه رجليها وبدأت تيقظه.
فاقت من شرودها على كفه الغليظ الذى وضعه فوق جبينها و خدها ورقبتها هاتفاً وهو يعقد ملامحه بغير تصديق: شادن حبيبتى انتى بتهلوسى.
ضربته بكفها الرقيق فوق صدره العارى قائله بغيظ: لأ بتوحم.
لم يأخذ باله من كلمتها وهتف: أمال أنتى لابسة وقاعدة كده ليه؟؟.
_ صبرنى يا رب.. لا أنا رجعت فى كلامى وأسافر تانى.
هتفت بنفاذ صبر وهى تضم كفيها لفوق داعية وبعدها اعتدلت حتى تبتعد عنه ولكنه لحقها و بدل جلستها جاعلها تتمدد أسفله وهو يشرف عليها ويحاوطها بذراعيه قائلاً بـ إبتسامة خبيثة: يعنى أنتى مش سخنة ولا بتهلوسى وأنتى عملتى كده بمزاجك.
ضاعت برائحته التى أسكرتها تغاضت عن إجابته و رفعت ذراعيها تحاوط عنقه تجذبه إليها وتدفن رأسها بين نحره وكتفه تستنشق عطره الممزوج برائحة عرقه الرجوليه الساحرة كأنها جرعة من أفخم أنواع المخدرات ؛ هنا كادت عينيه تخرج من محجريهما مدهوشاً وعقلة بدأ العمل و يسترجع كلمتها ( لا بتوحم) وعندما هتف بعدم تصديق: بتتوحمى!!.. أنتى حامل؟؟؟..
_ ما تبطل غباء بقى وسبنى أخد وحمى براحتى.
هاتفتها بغيظ ولم تبتعد، كانت أنفاسها الساخنة تضرب عنقة تشعل داخله برغبة لا تنطفئ إلا بها لا غيرها.. بحركة خفيفة كان يقلب وضعهم جاعلها ممدده فوقه و رفع رأسها بقوة كانت تحاربها حتى لا يبعدها ينظر داخل عينيها وعينيه تلمع بالدمع غير مصدق أن الله عوضه حتى يعيش معها تلك المرحلة بتفاصيلها و مراحل نمو طفله بدأ من رحمها إلى أن يصل لعمر أخواته حاوط وجنتها بكفه الكبير ويمسح على وجنتها بإبهامه و كفه الأخر ينزل إلى مكان رحمها بين جسده وجسدها يتحسسه بشوق وعدم تصديق قائلاً: بجد يعنى هنا دلوقتى بنتى بتكبر.
_ وليه ميكنش ولد.
_ لأ أنا عاوز شادن مستحيل أتنازل عن نسخة تانية منك بس وحياتك خليها طبعاً وشكلاً كفاية ملك.
ضحكت وهى تحرك رأسها هاتفه: إلا يجيبه ربنا كويس.
_ ونعمة بالله ، بس أدينا هندعى ومش هعترض.
وهنا كان هرمون النكد يسيطر عليها جاعلها تنهار ببكاء لا يعرف سببه ولا هى فقط رغبت الأن بالبكاء داهل أحضانه كما كانت تتمنى.. ظل يربت فوق رأسه التى أعادته لعنقه و عبراتها تبلل جلده العارى هاتفاً: مالك بس يا حبيبتى؟؟؟.. طب أنا عملت حاجة أو قولت حاجه زعلتك؟؟؟..
حركة رأسها بالرفض هاتفة وهى تمسح وجهها بكتفه: لأ بس عاوزة أعيط فى حضنك.
إبتسم بخفة عليها يشدد على أحضانها ويعدل جسدها فوقه وبعد مد ذراعه يلتقط هاتفه يبعث برسالة لمدير أعماله بأن يلغى أى مواعيد أو اتفاقات اليوم لانه لن يحضر.. وأخرى لأبنه الذى أخبره أن يقضى اليوم بالخارج مع أخته متوعداً له بأن يراه بالمنزل …
وبعدها أغلق الهاتف نهائياً و أرجع ذراعه يلتف حولها و كفه يحركه فوق شعرها ويسمعها بكلمات عشقه و أسفه.
*****************
يتبع……….
*****************
تعليقات
إرسال تعليق