الفصل التاسع والثلاثون





واحد، إثنان، ثلاثة ظلت كريمة تردد الأرقام تزامناً مع إستنشاق كبير وزفير متوتر.. كانت تقف أمام شهد التى كانت تدربها على التنفس حتى تنهى توترها وخوفها الأن.


_ يا الله.. خلاص يا شهد أنا أصلاً مش موافقة على العبط إلا بيعمله ده.


هتفت كريمة بغضب عندما لم تعرف أن تنهى توترها أو خوفها قليلاً من رد فعل المدعوين على حفل زفافها من كبار رجال الأعمال، الصحافة، أو رؤساء وزملاء فادي بالشرطة.. لقد مر أكثر من شهر وكان دائم الحضور لـ شقتها وكثير التلامس الأيدى أو غيرها.. لا تستطيع نسيان ذلك اليوم والتى علمت بعدها أنه كان بإتفاق من إبنتها.. 

****

كانت تجلس بغرفتها هاربه منه.. هذا موعد قدومه المعتاد، لا تستطيع أن تراه أو تدعه يلمسها كلما سمحت له فرصة وكانت تسيطر على نوبتها بـ إعجوبة و تستمد قوتها من أولادها.. ولم تشعر بـ إبنتها التى كانت تتحدث بـ خبث أمامتوأمها المتأهب لزيارته كـ كل يوم حتى يطلق له لسانه الاذع و ردوده المجحفه بـ حقه والإستمتاع بـ كل فرصة يخبره أنه غير مرحب به بينهم.


_ طب ليه مش هتيجى يا بابا.. إحنا قاعدين مستنينك.


هتفتها أثير بـ خبث وهى تجلس أمام أسر الذى كان يجلس فوق الكرسى المقابل لـ باب الشقة وينظر له وكأنه يخترقه بـ أعين خارقة تحتوى على طاقة بنفسجيه خارقة تكشف له ما خلف الباب ويقتل من يقف خلفه كما يريد.. بينما على الطرف الأخر من الهاتف كان لا يستطيع أن يمحى إبتسامته وهو يهتف لإبنته: يا أميرتى الشاطرة.. بالظبط كده دلوقتى هتقولى خلاص مش مشكله إنهارده هستناك بكره بس وعد نتغدا كلنا بره.


ولم تكدب خبر إبنة أبيها و رددت جملته وهى ترسم بعض من الحزن والخزلان فوق ملامحها عندما علمت أنها جذبت إنتباه أخيها وتركيزه مكان الباب وإنفرجت تكشيرته لإبتسامة واسعه من الأذن للأذن عندما سمعها تنهى الحديث وتأكد من عدم قدومه هاتفاً بسعاده وهو يقف ويتجه لغرفة والدته: أول مره يعمل حاجه حلوة.


دق فوق الباب وخفق قلب من تجلس بالداخل معتقده أنه جاء وطلبها هتفت بـ تقطع: م مـ مين؟! 


_ أنا أسر يا أمى ممكن أدخل.


خف توترها فـ هى متأكدة أن طلما من ناداها أسر مستحيل أن يكون فادى بالخارج ونجح ظنها، دلف بعد أن سمع موافقتها المرحة غير المتوترة.


_ كنت عاوزه أقولك إن فادى باشا مش جاى إنهارده وأنا هنزل أروح الجيم شوية.


زفرت براحة وإبتسمت وهى تهتف: حاضر يا حبيبى. أنت أخدت أدويتك.


_ طبعاً ومتغدى من بدرى كمان يا ست الكل.


قالها بـ مرح وهو يذكرها بعادته فى تناول الغذاء قبل مجئه حتى لا يشاركه الطعام ويكون متفرغ تماماً لقصفه بكلمات مميته لغيره.


ضحكت كريمة وهى تودعه ودقائق وكان يغادر المنزل وهو يحمل حقيبته التى تحتوي على زيه وأشياءه للرياضة.


وبعد تأكد أثير أنه غادرة بعد مراقبته من الشرفة هرولت إلى الداخل تستأذن كريمة لذهاب إلى السوبر ماركت حتى تبتاع بعض المسليات التى أنهتها ونواقص المنزل كما اعتادت.


أغلقت باب الشقة و وإلتفت حتى تغادر ولكن هربت منها شهق عندما رأت فادى وهو وهو يقف خلفها فوق درجات السلم الصاعد. 


_ بسم الله الرحمن الرحيم.. أخس عليك يا بابا فزعتنى.


هتفت أثير وهى تضع كف يدها فوق صدرها تتنفس بقوة تحت قهقة فادى الرجولية الساحرة قائلاً من بين ضحكاته: أسف يا أميرتى.. هاا! كله تمام.


أومأت وهى تضحك وترفع يدها تضم السبابه مع الابهام بشكل دائرة وفارده ثلاث أصابع وهى تهتف: أكيد يا بوص.


إحتضنها وهو يقبل منابت رأسها وتمتم: تردهالك قريب وزى ما وعدتك بكره عمرك ما هتنسيه.


شددت من إحتضانها إياه لثوانى ثم تركته وهى تحرك رأسها بـ موافقة ثم هرولت إلى الأسفل تجلب بعض المسليات لها حتى تتناولها وهى تنتظر مثل ما أخبرها أبيها.


ضغط بـ إصباعه مفتاح الجرس وإتنظر قليلاً حتى سمع صوتها تهتف: نسيتى إية يا إيثو.


فتحت الباب ولكن رد فعلها بـ رؤيته هو مكان إبنتها جعلها تغلق الباب بـ نفس الوقت مما إسترعى إنتباه الأخر و وضع قدمة حائل بين الباب حتى لا يغلق دافعه بـ لطف حتى لا يؤذيها و دلف وأغلق الباب وراءه و إستند عليه بـ ظهره يتأملها وهو يربع ساعديه أمام صدره قائلاً بعتاب زائف: تؤ تؤ.. طب دى أصول تقفلى فى وش جوزك أبو عيالك.


_ أ- أأنت بتعمل ايه؟ مش قولت مش هتيجى.


ظل يتابعها وإبتسامة لا تغادر وجهه ينظر لها كـ فريسه بقدر ما هى هشه وضعيفه.. بقدر ما هى أسره و مغوية ولا يستهان بها.. من تمر بما مرت به ولم تفقد حياتها أو عقلها فـ بالتأكيد ليست كما تظهر له أو لغيره.. وتلك هى كريمة التى عرفها وتأكد بنفسه بالفترة الفائته عندما كان يمسك يدها ويحاوطها بكل فرصة متاحه له دون إنهيارها الذى شاهده تأكد بأنها من تساعد نفسها بنفسها على الشفاء خصوصاً عندما تأكد بأنها إستأنفت دراستها بالجامعة و أوشكت على خوض الإختبار النصف نهائى وعند تذكر إنهيارها تذكر وعيده لها بأنها تفتح الباب دائماً دون السؤال عن الهوية أو تأكدها من العين السحرية و بملابسها البيتيه المهلكة لـ قلبه وهرموناته العذرية منذ سنوات.


إنتفض بـ وقفته يغطيها بـ جسده الشاهق لها ويتقدم خطوة تزامنها هى بأخرى ويهتف بهدوء وهو ينظر لها من فوق وهى ترفع رأسها تنظر له وترمش بأهدابها وتحاول ألا تفقد توازنها وتقع: ممكن أعرف المدام بتفتح لأى حد كده من غير ما تعرف مين أو تلبس حاجة غير لبس البيت ده.


أخذها تغير مجرى الحديث مجفلها مما كانت تنوى إخباره إياه هاتفه ببلاهه: هااه.


ضم شفتيه بين أسنانه يضغط فوق يحاول كبت ضحكه هاربه منه لم تلاحظها وسط توترها أكمله حديثه بعد أن توقف عندما رأها تقع جالسه فوق الكرسى الذى كان يحتله إبنها منذ قليل حاولت إستجماع شجاعتها تهتف به بحده ولكن خانها صوتها وخرج مهزوزاً: أنت مالك و بعدين أنا ماليش حد يسأل عليا غير شهد و طنط كارلا.


شاهد لمعة حزن تهدد بإنهيارها ولكن لحقها هو عندما إنحنى يستند بـ كفيه فوق مسندين الكرسى يقرب وجهه منها يشاركها أنفاسها قائلاً بلهجته التى أوقعتها قديماً.. تلك اللهجة الذى يقسم هو أنها كانت خاصة لها صحيح أنه أنه كان فتى لعوب ولكن عندها هو لا يعلم ما كان يحدث معها حتى... لا يريد التفكير في الماضي فـ الحاضر والمستقبل كافى له ليقضيه معها ويعوضها: غلط.. أنا جوزك وأبو أولادك و أهلك.. متقوليش ماليش حد دى خالص تانى وإلا..


ترك جملته معلقة و عينيه تزداد قتامه يتمنى تكرار قولها حتى يُعرفها عقابه بتأنى وشوق ولم تخيب ظنه عندما صاحت به: أنت بتحلم الجوازه دى عشـ...


قطع حديثها وهو ينحنى يلتقط شفتيها بـ قبلة إشتاق تذوقها مهما مر السنون إسترجاع طعمها الحلو و النعناع التى كانت لا تتركه كـ عاده بها تتناولة بإستمرار طوال اليوم.. أما هى لم تكن تظن أنها إستطاعت الخضوع له وإستقبال هجومه دون أن تقاومه أو يثير إشمئزازها.. لقد تقبلت وجوده طوال الفترة الماضية و تقربه و كلماته المنمقه والساحرة لـ أنثى جائعة ومفتقرة لأحد يشعرها بها..


*****

فاقت من ذكرياتها على نغزة بـ إصبعها فى كتفها هاتفه بـ سخرية: لا واضح إنك رافضة الجوازة يا (أختنا) كريمة.


ناطقة إسمها بـ طريقة شريهان الشهيرة مخفية الراء و مستبدلها بـ الواو.. لم تجيبها كريمة فهى مازالت مأخوذة بذكرى و تشعر بملمس شفتيه..


_ طيب يا أخت كيمو لما تخلصى ذكرايات الانحراف إبقى قولى عشان البنات يبدأو فى شغلهم. 


هتفت شهد بـ سخرية بعد رؤية عينيها الداكنة و أصابعها التى تتلمس شفتيها وكأنها تعيد ما حدث معها.. 


***************


_ سبنى.. سبنى يا أحمد عليه.. ده مش ابنى.. ده إبن ****.. شوف الواد بيبصلى أكن هتجوز مراته.


هتف فادى وهو يحاول إبعاد النصف شقيق الذى عاد من أجل حضور زفافه ثم يغادر مره ثانية.. كان يكتفه يحاول إبعاده عن إبن شقيقه المستفز الذى يحاول إعتراضه و تعطيله عن الإستعداد للفرح و قصفه بكلمات لا يغفرها هو ولكن يجب منعه حتى لا يكسر رقبته الأن.


لم يتحرك أسر من مكانه يجلس بأريحيه فوق الكرسى داخل الجناح المخصص للعريس بـ الفندق الذى يقام بقاعته العرس.. ثم يضع قدمه فوق رجله وكأنه أحد معلمين المدبح و يحرك سلسلة مفاتيحه بـ إستفزاز قائلاً بـ سماجة: جرا إيه يا والدى.. أنت مش هتشركنى فى مراتى.. بس هتشركنى فى أمى الأنثى الأولى والأخيرة فى حياتى. 


نجح فادى هذه المرة بالانسلات من قبضة أخيه و إتجه إلى إبنه الذى كان أطول من كريمة قليلاً ولا يضاهيه بـ جسده أو قوته.. رفعه من ياقة تيشيرته الأسود الصيفى باعد رجله لا تلمس الأرض بـ إنشات يهتف من بين أسنانه بـ تحذير جعله يتراجع و يهدأ حتى يمر اليوم بسلام وبعدها سيعلمه كيف يشاركه بـ والدته ناسياً أن من أمامه سبب وجوده بهذه الحياة.: أقسم بالله العظيم يا أسر لو ما تقيت شرى لأعلقك هنا من رجلك و مربيك من أول و جديد... إلا بتقول عليها أمك.. أنا إلا خليتها أمك يا روح أمك.


ثم نفضه يجلس مره أخرى بغضب وينفض يديه وكأنه يبعد بعض الأتربه من بينهم.. إلتفت إلى أخيه يهتف: وأنت يلا نادى للحلاق عشان نخلص فى يومنا ده.


*************** 


وقفت تنظر ببلاهه إلى تلك القطعة المستطيلة البلاستيكية ويظهر بوسطها خطين باللون الأحمر علامة إيجاب صريحة.. تفسر سبب شراهتها بالطعام ولكن لم يصيبها أى أعراض مما تعلمها كـ الغثيان أو الدوخة المستمرة بل كل ما تغير هو زيادتها بتناول الطعام بطريقة غير طبيعية بالمرة و إنقطاع العادة الشهرية منذ شهرين و بطنها التى زاد وتكور حجمها بعد أن كانت مسطحة بسبب ممارسة الرياضة دون تكاسل يوماً.. عادة إكتسبتها كـ إخوتها من والديها الذان مازال يحافظان على فعلها إلى الأن، هى حـامـل!.. مازلت غير مستوعبة.. مازالت صغيرة جداً على تحمل مسؤلية طفل فاقت من بلاهتها و تخشبها مكانها على فتح باب الحمام الخاص بغرفتها من قبل زيد وسماع صوته القلق بسبب تأخرها بـ الداخل، ولكن ماثلها بالتخشب والبلاهة وزادها الغباء ونسى كل ما تعلمه بالطب بعد رؤيته إلى تلك الشريط الإختبار سألاً بغباء: دا إية إلا فى آيدك ده.


فـ قابلته هى بإجابة تماثلة: أنا حامل.


   _ إحلفِ.


إتسعت حدقتيها من غبائه ولكن ضاع ردها عندما حملها وتحرك خارج الحمام بل الغرقة والجناح كله هابطاً السلم وهو يصرخ كمن فقد عقلة يكرر كلامه كـ المجذوب: الجنية حااامل.. مرااااتى حاااااامل.. حااااامل.


هرول الجميع بصدمة أسفل الدرج ينظرون له وكأنه نمى له رأس أخر و هو ينزل السلم بـ خطوات حذره ويحملها كـ طفلة صغيرة وهى تتعلق بـ رقبته و كفها لم يترك الجهاز بعد.. وتخفى وجهها الذى إحمر خجلاً وحرج من فعلته برقبته تتوعد له وهم منفردين.


         **********

فاقت من ذكرياتها على شعورها بمن وقف خلفها يحاوطها و يمسد فوق بطنها بإندهاش من تكورها وزيادة حجمها الملحوظ.. لا يستطيع إلا الأن تصديق أن جنيته تحمل نطفته، تبادل النظرات من المرآة التى كانت تقف أمامها تضع لمستها الأخيرة من مرطب شفاه صحى فقط بعد أن أمرها طبيبها بعدم وضع أى مستحضرات تجميل بهذه الفترة عينيها تتلألأ بوهج عشقه الخالص نظرات لا تظهر إلا له هو فقط.. حبيبها و معشوقها و مالك قلبها و أسر روحها.. لا تستطيع نسيان وقفته معها وعدم تصديق ذلك الشبيه بالرجال إبن مدحت السويسرى والتى علمت أنه شقيق تلك الشمطاء التى تكفلت بها شهد أختها مدعيه أنها ستعيد تربيتها وتنشئتها هى وأخيها بعد أن نسوا أهلها فعلها.. الشمطاء التى كانت تحوم حول فارس ترمى شباكها بكل الطرق و العهر التى تعرفه.. وأخيها الذى لم يختلف عنها عندما إدعى عليها أنها ترافقه وأنه المسؤال عن حملها متباهى أمام زملائها بالجامعة و إنهيارها بعد سماع همزات ولمزات بممارستها الفاحشة، ولكن سندها بعد والدها و معشوقها الذى عرفه مقامه أمام الحرم الجامعة كلها وليس فقط الصيدلة.. و الذى بعدها جعلة يعترف بقذارته الذى فعلها معها و إنحنئه قرب حذائها طالباً من الغفران وأنها أطهر بنات الأرض فتركته مغادرة غير قادرة على التفوه بحرف واحد ضده أو معه.. تاركه باقى التصرف لزوجها و شقيقتها التى قدمت بعد رؤيتها تلك الفضيحة على موقع الجامعة بالسوشيال ميديا.


همست دون صوت تحرك شفتيها لعينيه داخل المرآة: بعشقك يا ساحر الجنية.

أجابها هو وهو يلثم أسفل أذنها بثماله تسيطر عليه بحضرتها ثم إرتفع يخبرها بداخلها وأنفاسه الساخنة تضربها بقوة تغزى غرورها الأنثوى بتأثيرها عليه هامساً: حبيبة القلب وأسرة الروح.. رفيقة الدرب ومليكة قلبى.. مالى بكلمات تصف ولو ورقة خضراء فوق غصن صغير وسط غابات عيناكى.. أو حرفً بـ طعم قهوتك المُره وسط سحابة بيضاء. 


شعرت بأرجلها كـ الهلام أسفلها و قلبها يتمرد يرغب بالهروب من بين أضلعها لعله يستطيع أن يصف هو شعوره له أمامه من كلماته الذى لا يمل من ترديدها متغزلاً بها و بـ لونى أعينها التى كانت تعتبرهم بشاعة بخلقها الحسن وأخبرها هو بأنه كنزها الفريد و النادر حدوثه كـ طفرة جينية مميزة يتمنها الكثير.. يا الله!. ماذا فعلت بحياتها حتى يكون هو من نصيبها، رجلاً بمعنى الكلمة، يغار ولكن يثق بها ثقة عمياء و المنحة التى حدثت خير دليل.. رجلاً يستحمل نوبات جنونها ويصبر عليها.. يحجم أفعالها دون قص جناحيها.. فـ هذا هو المعنى بـ جملة ( زوجى سيد الرجال وأفضلهم و أوسمهم).


*****************


بدأ الجميع بالدلوف داخل القاعة الملكية التى تليق بـ زواج فادي الجيار.. و الصحافة تملئ المكان ينتظرون تلك العروس التى لم يعرف أحد من هى إلى الأن غير أن من يحمى ظهرها هو الحوت بنفسه .. سائر الشهاوى وحرمه.. والذى حضر هو وصديقاه و عائلتهم أنهم عائلة العروس التى كان يحرص العريس دائماً على أن تظهر لهم قبل الزفاف وما زاد فضولهم ذلك الفتى الذى يقف بجانبه يكشر بأنيابه ويشبه كثيراً ويقف بجواره شقيقة الصغير.. خبث ظهر بأعين أحد الصحفين المخصصين بالصحف الصفراء و حاول الإقتراب منه يكتشف أهو إبن رأفت الجيار الصغير والغير شرعى كـ الأخر أو ما قرابته بهم و محاولة زيفها حتى يكسب سبق صحفى بأثر الفضية لـ رجل الأعمال المتصابى.. ولكن خاب ظنه أنه يستطيع إستدراجة و أنه غر صغير يضحك عليه ويستفزه ولكن ما قابله هو هتاف الفتى بـ إستفزاز بوجهه: وأنت مالك أنا مين. 


ضم قبضته بقوة يحاول أن يصبر نفيه وهتف بسماجة: أعرفك بنفسى أنا ماهر صديق لـ الرائد فادي الجيـ… 


ولكن لم يستطيع إستكمال حديثه بعد أن قاطعه أسر بزهق ونفاذ صبر رافعاً صوته يهتف: فااااادي كلم صاحبك لأنه قرفنى زيك بالظبط. 


ثم غادر من أمامه بكل هدوء ورمقه بنظرة ساخطة و تقدم منه فادي بإبتسامة يعلمها جيداً من مقابلته أكثر من مرة بأن وراءها شئ لا يفسر.. ويخفى وراءها الكثير. 


_ ماهر.. أنت مبتزهقش من قلة صبرك دى..  


إختفت إبتسامته و إتسعت عينيه بتهديد يعلم أنه يستطيع تنفيذه جعل الأخر يرتجف من الداخل وهو يسمعه ينطقهُ بقوة: عارف لو قرأت كلمة واحدة سامع كلمة واحدة ضدها أو تسوء لها أو صورة ليها صدقنى هخليك تتمنى الموت. 


ثم إلتف يغادره بـ هدوء و كأنه لم يكن يهدده أو سيتحول خلال ثوانى لوحشاً يستطيع عصره بقبضة، دون أن يرمش له جفن.


بينما حول الطاولة المخصصة لـ عائلة الشهاوى.. كانت تجلس هنا تنظر أمامها دون أن تحادث من يجاورها ويحاول إستدراجها و ميولها له حتى ينال غفرانها على أفعاله الصيبانية و المتملكة ناحيتها.. زفرت بزهق هاتفه: خلاص يا مالك عرفت إن غصب عنك.. هعيش حياتى كلها معاك وكل غلط تقول مكنتش أقصد.. عدى الفرح على خير و بعدها نشوف.


أغمض عينيه يستغفر حتى لا يفقد أعصابة فـ هى معها كل الحق لو كان مكانها.. ما كان غفر لها التقليل منه أمام أحد و لكن لم يتحكم بنفسه وهو يدلف لغرفتها بالنادى و كانت تجمع أشياءها و لكن وجدها تتحدث مع رجل قارب الأربعين ويتغزل بها باللغة البريطانية.. عندها لم يتمالك أعصابه و إقترب منهم دون سماع باقى الحديث و لكمه وعندما حاولت أن تخبره شئ صاح بها مخرسها وأمرها الإنتظار داخل سيارته، وما فاجئه عدم مخالفة كلمته و إحراجه كما فعل معها وعندما صعد بجوارها إكتفت بقول أنها تريد الذهاب لشركتها و لم يستطيع بعد أن يحدثها فـ هى قاطعته نهائياً وحظرت مكالماته ولم يستطيع مقابلتها منذ اكثر من أسبوع وما يقهره اكثر أنها جعلت شقيقه رأف يخبره أن من كان يمدحها.. كان وكيل لـ نادى كبير بـ بريطانيا إختارها حتى تنضم لفريقه ولكن لم يخبره جوابها أو أجابته هى وأراحته أنها إختارته هو على الإحتراف.. وهذا ما يتمناه جزء صغير بداخلة أنانى بكبريائه الذكورى.


تنهد وهو يقف يخبرها بـ هدوء عكس ما بداخله أو ما خطط له حتى تغفر فـ يكفى أيامه العجاف: زى ما تحبى يا هنا أنا هقوم من جانبك خالص.


إتسعت حدقتيها وهى تراه يغادر و مل مبكراً دون المحاولة لمراضتها وهى من ركضت وراءه طوال عمرها و هو سئم من مجرد أيام وهو المخطئ.. حسناً فليقابل عقاب والدها ولن تراجعه او تدافع عنه هى أيضاً سئمت.. نفضت رأسها سريعاً تنفى قرارها وتخبر ذاتها بهمس لم يصل إلا لـ التى تجلس بجوارها و يدها يحاوطها زوجها: وأعيش إزاى من غير ما أشوف الشمس الا بتدفنى.. يخرب بيتك يا مالك ويخرب بيت شيطانك إلا مقوى قلبك عليا صبرك بس..  


_ إهدى! هو أكيد بيستفزك مش أكتر.


سمعت صوت أنثوى خشن ينتمى إلى تولين التى تجلس بجوارها وتحاول السيطرة على ضحكتها فـ هتفت وهى تنتفض واقفة تهتف بعصبية مكتومه ونفاذ صبر: وهو بنك إسفزاز ماشى بيوزع.. عن إذنك هروح أقف جنب أنط كارلا بدل ما أقتله وأقتل نفسي وأرتاح.


لم تستطيع أن تتمالك ذاتها أكثر تاركه العنان لـ ضحكتها التى تخطف نبضات من يجاورها ويمسك يدها بتملك يرفض تركها إلا للضرورة فقط منذ عودتهم.. إلتفت إليه تهتف من بين ضحكتها: بجد أخوك دا مش شبهك خالص.. مطلع عين هنا معاه.


رفع كفها يقبل باطنه يهتف وهو يغمز لها بعينه: شوفتى إنك محظوظة إزاى.


رفعت كفها الحر تحاوط وجنته و تحرك إبهامها فوق ذقنه الحليقة وتتأمل خضروتيه اللامعه هاتفه بـ أنفاس مبهورة بعشق ينبض بين أضلعها يخصه وحده: أنت روحى و قلبى و النفس يا حودة.. أنت عوضى الا ربنا كتبهولى وعرفنى إنى كنت بملك الحظ عشان كده وقعنى فى طريقك يا صاحب الحضن العذرى.


كاد يجيبها بأنه الأكثر حظاً بوجودها ولكن قاطعتهم لارى التى قفزت واقفة بينهم تهتف بـ عربية ركيكة بعد أن تعلمتها و صارت تتحدث جيداً بعض الشئ: العروس يلا لنراها..


حبس محمود شفتيه بين أسنانه ضاغطً فوقهم يمنع سبه من الخروج فـ صدق أن والده دع عليه بسبب أنه كان يقطع لحظاته مع والدته الخاصة فتجاب دعواته متصورة فى لارى التى منذ عودتهم وهى تقفز بينهم بأى وقت كان.. كتمت تولين ضحكتها بكفها من رؤية وجهه و وقفت تحسب لارى من كفها هاتفه: أكيد حبيبتى يلا نروح جنب مامى كارلا ونشوفها.


_ الله يسامحك يا أبو محمود.. حد يدعى على ولاده وهو عارف إن دعاء الولدين مستجابة.


هتف محمود من بين أسنانه و هو يحرك رأسه بعدم تصديق و يتابع لارى التى تقفز حتى ترى و تمسك بكفها الصغير يد زوجته التى تتركه فور حضورها عض أصابعه بغيظ متوعد لها بأن يغادر معها مره أخرى بعيداً عن الجميع.


       *****


وقفت أعلى الدرج تتنفس بعمق وهى تقبض بيدها فوق الشيفون المنفوش بفستان عرسها التى حلمت به.. تفاجئت كثيراً عندما رأته مازال يذكر.. لم ينسى حلمها التى أخبرته به بأن ترتدى فستان أبيض يجسم جزعها العلوى و يحاط بورود بيضاء صغيرة متراصة بجوار بعضها حتى تصل إلى خصرها فيتبادل مع التل الأبيض الكثير المنفوش دون الحاجة بجيبونه داخلية كانت كـ أميرة هاربة من أسطورة كرتونية خيالية.. كانت تكتم أنفاسها و تضم قبضتها فوق كم البذلة التى كان سائر يرتديها و يلف يدها حول ذراعه حتى يسلمها لـ عريسها مرفوعة الرأس.. أخذ دور والدها.. ربت فوق كفها قائلاً بهدوء و إبتسامة إستمدت منها الأمان والقوة: خدى نفسك وإرفعى راسك غلطك الغير مقصود دفعتى تمنه من زمان و جيه وقت التعويض إمسكى فيه وإجبرى الكل ينحنى قدامك مش العكس.


نظرت له وعينيها تملئها الدموع دون أن تطلق سراحها همست بصوت متحشرج: شكراً.


إبتسم وهو يغمض عينيه ويحرك رأسه لأسفل بعلامة ترحيب ثم هتف وهو يلتفت ينظر إلى الذى يقف ينتظرهم حتى يسلمها يدها و تصبح ملكه أمام العالم: انسى كل إلا فات و دلوقتى خطى أو خطوتك لولدتك الجديدة و إرسمى طريقك بإيدك مش بإيد حد تانى مهما كان سلطته عليكى.


شددت من قبضتها تستمد قوتها منه ثم زفرت الهواء الذى كانت تحبسه داخل رئتيها بقوة تحرك رجلها لأول خطواتها كما أخبرها عاقدة العزم على ترك ما يؤلمها خلفها دون رجعه ومع أول خطواتها سمعت الكلمات الأغنية التى كانت تخبره أنها تريد الزف بها تنطلق من الفرقة الرجالية المرتدية زى موحد ويمسكون طبول و مزمار.. إلتمعت عينيها بوهج عاد لها بعد زمن من الوجع والحرمان وهى تنزل الدرج والكلمات تتردد حولها.


( بسم الله الرحمن الرحيم وهنبدأ الليله.. آآآه آآآه.


عرسنا الزين وعروسته حلوة وجميلة.. آآآه آآآه.)


تعالت الهمهمات و هربت الدماء من وجه رأفت وشحب و بجواره كانت فريال هانم الأبنودى التى كانت عينيها متسعة بصدمة من فعلة إبنها الغير متوقعه متخلى عن فرقة البالية والموسيقى الراقية.. و جالب تلك الفرقة السوقية بنظرها كادت تفقد صوابها إلا يد كارلا التى كانت تضحك بسعادة التى أسندتها من الخلف هاتفه بأذنها بهدوء: إيه إلا حصل عشان تفقدى وعيك.. إفرحى لفرحة وحيدك.


نظرت لها فريال بدهشة هل تلك هى سيدة المجتمع الراقية توافق على تلك المهزلة و تستمتع بها.. ظلت الفرقة تزفهم حتى وصلو إلى المكان المخصص لهم داخل القاعة واقفين أمام الأريكة البيضاء المخملية التي تكفى لـ ثلاث أفراد و وقفوا يتابعون الفرقة التى غيرت نغمتها و بدأت تعزف لـ الرجل الذى يرتدى تنورة و بدأ بالدوران أمامهم بتناسق مع النغمات ثم رفع التنورة يلفها بيده ثم أشعلها من أطرافها بنار باردة زرقاء.. شدد فادي قبضته فوق كفها الذى يمسكه بتملك منذ إستلامها من سائر الذى أخبره بتهديد واضح إن تسبب إزعاجها فقط وليس حزنها سيواجه الحوت نفسه.. إنخفض برأسه يهمس بأذنها وإبتسامته التى تلاقى إبتسامتها الفرحة: أتمنى مكنش نسيت حاجة إتمنتيها فى يوم العمر زى ما قولتيلى.


رفعت رأسها تنظر له فـ تلماست أنوفهم و زادت لقطات الكاميرات بإتجاههم وكأنهم يقبلون بعضهم.. إجتاحتها تلك الرجفه ليست خوفاً أو نفور من إقترابه أو ملامسته بل رجفه جعلت فراشات تحلق فى معدتها و شعور بالإكتمال بجواره هو من تخلى عن الجميع لأجلها ولم بنسى حديث عابر بينهم منذ دهور وكانت صدمته اللذيذة عندما حركت وجهها قليلاً للجانب تقبل جانب شفتيه وقد أصبح كل ماحولهم ضباب و هم وحيدين دون دخيل بينهم.. إعتدلت واقفه تنظر للفقرة التنورة حتى إنتهت و هو كان يتابع مشدوهاً من مبادرتها.. هل فعلاً شفيت مع أفعاله طوال الشهرين أم هى من طيبت جروحها بيدها قبلاً.


       *****


مر نصف وقت الفرح بين الفقرات المتبادلة بالرقص و هى لم تقف من مكانها حتى لم تمن عليه بالرقصة معه على نغمات هادئة.. إنتهت رقصته وسط زملاءه فى الشرطة فـ إلتفت ينظر إليها وجدها تجلس بسعادة ناقصة و هى تتأمل أولادها.. فقرر إنهاء الحفل بـ إلقاء كلمته.. صعد الأربع درجات للمكان المخصص للعروسين وإبتسم لها أجمل إبتسامة قد تراها قابلته بإبتسامتها الحلوة التى عاودتها إلى إبنة السادسة عشر ثم إقترب منها يمد كفه المفرود لها بدعوة لبتها و أمسكت كفه بـ إستحياء و تردد قليلاً ولكن أنهاه هو بجذبه لها بخفة و أوقفها بجواره ينظرون إلى المدعوين هو بثقة وهى بتوتر وقبضتها الرقيقة تشدت على كفه الغليظ مما هو قادم وجدته يشارو إلى المسؤال عن تنسيق الأغانى بأن يحضر له المكرفون، أمسكه من يد أحد العاملين و هو يبتسم له مجاملة نظر إلى الجميع بعد أن عم السكون على القاعة وعيون تتابعه بفضول وتسمعه يهمس: أحب أشكر كل إلا شرفونى ولبو دعوتى إنهاردة وشركونى فرحتى بجوازى من حب عمرى الحقيقى.


أنهى حديثه وهو يلتفت ينظر إلى وجهها الحبيب و يرفع كفها التى يقبض عليها بين كفه ويقبلها ثم أكمل حديثه وهو ينظر لها: حبيبتى إلا بتمنى تسامحنى على غلط مكنش مقصود منى وإتسبب فى جرحها، سامحينى.


تلألأت عينيها بدموع تحبسها تأثراً من كلماته وإعتراف وإعتذاره أمام العالم لا تصدق.. لقد طيب جرحها الغائر منه و مسح دمعتها التى كانت تحرقها منذ دهور.. "فادي" حبيب صباها عاد أسفاً و مطبطب فوق جروحها أومأت برأسها ودمعة فارة فوق وجنتها و تستنشق الهواء هامسه لم يسمعها إلا هو : مسمحاك.


ترك كفها بصعوبة وهو يحاوط كتفها ويقبل مقدمة رأسها ثم إلتفت يصتنع الحرج قائلاً: أسف جداً بس مضطر إن إحنا نمشى دلوقتى عشان معاد الطيارة.. إستمتعوا بالحفلة أكننا موجودين.


ولم ينتظر دقيقة أخرى و هو يمسك كفها ساحبها خلفه وهو يقذف المكرفون إلى شقيقه ثم غمز بعينيه إلى إبنه يغيظه وهو يغادر ولم يلحقه.


تصفيقات حارة مشجعة من المدعوين الشباب و زملائه بالشرطة و بين همز ولمز الكبار الساخط على فعلته.. وقف عند والدته عند باب القاعة قائلاً مش هوصيكى على أحفادك يا فريال هانم.


وبعدها إختفى خلف الباب مع عروسه هاربين من الجميع.. خاطفين شهراً بعيد عن الجميع يخطفون بأنانية الأنا التى لم يجدوا صدها منذ دهور لم يجدوا راحتهم والأن سيقتنصوها رغم أنوف الجميع وبعدها سيبدأ بترويض شبيه أبيه.


   **********


قهقهات عالية صدرت من الشباب وهم يقفون بموقف السيارات و بجوارهم الفتيات غافلين عن الأثنين التى يتأملون عيون بعضهم بقلق و خوف و الأخرى خذلان.


_ والله جدع.. أعملى حسابك يا هنايا لو أبوكى وقفلى يوم الفرح صدقينى هخطفك.. هو أصلاً يوم شكليات ومالوش لازمة.


هتف مالك من بين ضحكاته لـ هنا التى مازالت تنظر له بغيظ من أفعاله و تطنيشه لها، لكمته بكوعها فى جانبه هاتفه بغيظ..: والله أنا إلا هقفلك والجوازة دى مش هتم.. يلا يا كارما.


أنهت حديثها وهى تسحب يد كارما متجهين إلى سيارة فارس جالسين بالمقعد الخالفى تاركين الكرسى المجاور للسائق لـ شهد.. لم تنتبه إلى كارما التى رمقة رأف قبل الركوب بخذلان قابلها هو بأسف يغلفه القلق والخوف من القادم.


صعد الشباب لسيارتهم و مالك قرر ترك هنا تذهب للمنزل مع أخيها و صعد رأف سيارته يغادر مسرعاً يتحرك بين شوارع القاهرة بتيه و خوف من حبه يشعر بالذنب بسبب تعليقها بـ حبه دون التحرك خطوة ليتملكها.. لا يستطيع الخطو لطريق مسدود مستحيل يوافق أبيها بسبب السن بينهم و أنها مازالت قاصر.


أما فارس الذى أوصل شهد بالأول بوعد بالقاء غداً.. أما محمود الذى بعث لارى مع مالك وبعدها خطف زوجته ليقضون الليلة بعيداً عن الجميع و الأخص شقيقتها الصغيرة التى تتسلل لتنام بجوارهم و تخطف حضنها منه طوال الليل و يبقى هو على طرف الفراش و تولين بينهم.


*************


يتبع……


************







تعليقات

المشاركات الشائعة