الفصل الثالث والأربعون






نظراتها تتابع طريق إسماعيلية الصحراوى بإرهاق فـ هى تقود سيارتها منذ أربع ساعات بعد أن فكت شفرة الجواب وهو وجوب ذهابها إلى رفح شمال سيناء بأسرع وقت، علمت كيف تصل لصاحبه من الكلمة المشفرة بينهم فـ هى لن ترتاح حتى تثأر لـ شق روحها و صديقتها التى كانت ضحية لتلك المنظمة والتى باعها زوجها لها بعد أن يأس منها ويريد التجديد، لقد إكتشفت بأنه ليس ديلر فقط ولكن قواد.. يتاجر بالفتيات والنساء لأجل الإرهاب الذى يشتريهم كـ الرقيق تحت مسمى ( جهاد النكاح ) وقد كان ينوى بعثها لهم بإبنتها حتى يرضوا عنه.


زفرت بقوة ثم تنفست الهواء البارد الخارج من المكيف السيارة الدفع الرباعى المصفحة التى طلبها والدها خصوصاً لأجلها ، وصلت إليها منذ شهرين بعد إنتقالها للعمليات الخاصة لكفائتها ، تذكرت حديثه معها عندما أخبرته أنها ستسافر بضعة أيام قبل زفافها لأجل عمل مهم للغاية ، والدها العزيز والغالى مهما كان يتسم بالقوة والوقار تنتهى عند إصابة أحدهم أو احتمال تعرضهم للخطر، لم تخبره مكان ذهابها ولكن تعلم أنه سيعرف متى اخفى على سائر الشهاوى شئ يمس أولاده، وتركت معرفة امها الحبيبة لوالدها كالعادة.. ابتسمت بمرح وهى تحرك رأسها عندما يسمع فارس التسجيل الصوتى الذى بعثته له، بتأكيد سيصاب بالجنون ويتوعد لها.


************


خطوات سلحفائيه تخطو حولها دون أن تشعر بها فـ هى سابحة بأعماق نومها منذ معرفة حملها وهى لا تستيقظ إلا قليل ثم تسقط نائمة دون شعور ، الآن الساعة الخامسة عصراً وهى لم تأكل منذ الصباح… ترك (الصينية) وفوقها الطعام المشوى الشهى الذى تحبه ( الدجاجة واللحم والكفته) و سلطة طحينة وخضار مشوى وخبز أسمر.. يتمنى أن ينال رضاها حتى تتناول أى شئ.. استنشق الهواء بقوة ثم زفره متمهلاً بعد أن وضعها على الطاولة وبعدها توجه إلى المخدع حتى يوقظها.. نظر إلى طريقتها العشوائية بالنوم والتى جعلها تحتل الفراش كله دون أن تترك أى فراغ به.. لم يستطيع أن يتمالك ضحكته الرجولية الساحرة التى إنطلقت بصوت عالى على ملامحها المتراخية و فمها المفتوح وكأنه مطار دولى ينتظر وقوف طائرة داخله كما كانت (والدته) تخبره بالصغر كى يتناول الطعام فارحاً، يقسم أنه لو اقترب قليلاً لراء اللوزتين بنهايته بسبب إستغراقها بالنوم بطريقة خاطئة.. وما جعله ينتفض وهو يمسك معدته من الألم بسبب ضحكاته… لم يزعجها صوت ضحكاته العاليه إلا قليلاً فـ ابتلعت ريقها الجاف بسبب استنشاقها الهواء من فمها و انقلبت بنومتها من ظهرها إلى بطنها وتقلب شعرها الأسود الطويل معها يخفى ملامحها المليحة عن عينيه النهمتين لكل تفاصيلها، مازال لا يصدق أنها تحمل بذرته بداخلها مرة أخرى لتنبت له زرعاً لو بقى عمره كله ساجد لبارئه لن يكتفى من شكره ونعمه التى أنعمها عليه… يكفى أنها سامحتها وقبلها لم تقتل أولاده قبل رؤية النور بسبب بغضها عليه وكرهها، لم ينتبه أنه توقف عن الضحك وانحسرت بين شفتيه متبقية على الجانب الأيمن منها برضا عما يراه و يعيشه.. زفر بخفوت ثم اقترب يجلس بمحاذات وجهها يبعد خصلاتها المشعثة وملامسها الحريرى عن وجهها منخفضاً يقبل وجنتها الحمراء من كثرة النوم ثم همس بأذنها: شادن.. حبيبتى اصحى بقى مش هتقضى التسع شهور نوم. 


تململت بنومها دون أن تتحرك أو تحاول فتح أهدابها وتنظر له بل اكتفت بكلمات لم تتعدى حلقها حانقة لم يفهم منها شئ وبعدها ذهبت بسبات.. ابتسم بحنان وبدأ بتدليك فروة رأسها ويده الأخرى تعرف نقطة ضعفها بدأ بتديلك بـ ابهامه بين عينيها كـ الأطفال جعلها تفرج عن قهوتها الذائبة والدافئة تنظر له نظرة مستعد لدفع عمره ليراها دائماً وصوتها الأجش والناعم يهتف بنعاس: صباح الخير يا حبيبى.


وتزامنا مع نطقها "حبيبى" وابتسامتها الساحرة حركة رأسها وقبلت باطن كفه الذى تخشب أمام وجهها وهو يدلك بين عينيها.


ابتلع ريقه بتوتر بالغ وحرارة محببه أن تظهر بوقت لاحق تجتاح جسده دون إستئذان فهتف بحده غير مقصودة جعلتها تبتعد عن مرمى يداه: ما تتهدى بقى يا شادن، وبعدين صباح الخير إيه؟! والمغرب هيأذن أهوه.



_ أتهد!!.


هتفتها مستنكره و هي تنظر له وكأنه مختل عقلياً ولكن تابعت بصوت عالى فاقدة السيطرة على هرموناتها التى بدأت تلازمها بقوة ومسيطرة عليها: أنا عملت إيه؟!. وبتزعقلى ليه دلوقتى؟!.. غور من وشى..


صاحت بنهاية حديثها جعل عيناه تجحظ بمحجرها فاقد هو الأخر هدوءه واحتواءه بسبب الحرارة التى تزداد بعد رؤيتها تجلس أمامه شبه عاريه بوقت محرم عليه لمسها كـ فاكهة محرمة: أغور من وشك، أنا غلطان أنى عبرتك ولا انى جيت أصحيكى عشان" تطفحى " عشان البرشام.


_ أطفح!.. كمان طب طلقنى يا مروان، أناااا بكرررهك.


انفجرت بالبكاء مع صياحها جعله يسترد بعض من هدوءه فـ زفر مستغفراً ومستعيذاً من الشيطان واقترب منها يسحب معه الغطاء الخفيف يخفى جسدها عن عيناه الجائعه لها ويحضنها ثم قبل رأسها متمتماً باحتواء وصبر: خلاص أسف، ما هو بردوا يا شادن متبقاش الدكتورة قايلة امبارح مقربش منك وانتى تيجى تفتحيها على البحرى وتفرجيها فى يومين حظر.


لم تفهم من حديثه غير أمر الطبيبة بعدم اقترابه الحميمى منها ولكن أصابها هرمون الغباء فتوقفت عن البكاء ورفعت رأسها ومازل هو يحاوطها من الأمام بالملاءة يخفيها هاتفه برقة ستسبب بإصابته بذبحة صدرية لا محال مكدوماً: طب ومال علاقتنا بإنك تزعقلى.


وعند فقدانه عن سيطرته فـ هتف محاولا تغير الحديث لعله يطفئ لهيبه قليلاً: خلاص متشغليش بالك يا حبيبتى وكأنك مسمعتيش أى حاجه ويلا عشان تأكلى أى حاجه عشان البرشام.


زمجرت معدتها أنذرتها عن فراغها وجوعها فابتسمت بحلاوة وهى تستطيل قليلاً تقبل وجنته بدلال هاتفه: فعلاً.. أنا جعانة أوووى يلا ناكل.


وعندما أوشكت على التحرك بعيد عنه إنفجرت بالبكاء مرة أخرى جعله يقترب منها بلهفه يتفحصها بعيناه لعله يعلم سبب ت قلقً: مالك يا حبيبتى؟!.. طب بتبكى ليه دلوقتى حاجة بتوجعك، نروح لـ الدكتورة.


حركت رأسها بالرفض و وجهها ذات حمرته بسبب بكاءها فهتف بنفاذ صبر بسبب قلقه: أمال إيه السبب؟؟..


_ أنت هطلقنى صح؟!. عشان انا قولتلك و قولت إنى بكرهك بس والله أنا بحبك ومقدرش أعيش من غيرك.


_ كده.. الله يسامحك، وقفتى قلبـــــــــ… 


توقفت الكلمات بعد أن تنفس براحه ولكن عند استيعابه باعترافها بحبها له الأن لأول مرة جعله يقفز واقفاً ينظر لها كـ الأبلة ويتحرك أمامها بعشوائية يتمنى احتضانها حتى وشمها فوق جسده ولكن يخاف عليها ظل يرفع قبضتيه بالهواء ثم لكمه وبعدها يستدير حول نفسه فوقع تلك الكلمة عليه أقوى من أى سحر أو خبر حملها، فـ هو الأن يحلق فوق السحاب بين الملائكة مرفرفاً بجناحى العشق الذى نبت بينهم ولكن سقط على جذور رقبته عندما وقفت أمامه صائحة: حتى لو هطلقنى إبعد عن وشى لما أكل الأول. 


بالتأكيد إن لم يمت مكدوماً سيبعث لمشفى العباسية بجناح خاص حتى لا يؤذى نفسه أو غيره .. ولكن ابتسم وهو يراها تلتهم الطعام بشهيه مفتوحة و صدى اعترافها يتردد بين جنبات ناصيته متمناً أن تظل هناك ولا ترجع للخلف بين الذكريات، اقترب منها يجلس بجوارها ملتقطاً احد اصابع الكفتة المشوية و غمسها بالطحينة ثم قربها من فمها فـ التهمتها مرة واحده ناسية حديثهم منذ قليل هاتفه وهى تلوكها بين ضروسها بتلذذ: انت مش هطلقنى صح؟


حرك رأسه نفياً وهو يبتسم بحلاوة ويقترب منها يثبت لها أنه لا يتنفس بدونها ملتقطاً شفتيها يستطعم الطحينة السائل عليه، يصك وعده بأنه لن يتركها تفر منه مره أخرى حتى لو بارادتها، شاكر الله فضله و عوضه الذى تمثل بها و بكريه و أخيهم الثالث " تَيام " الذى سيأتى معه فرحهم وسعادتهم ويغلق الستار على نهاية سعيدة مشوبة ببعض المضايقات المحببة.


*****************


_ يعنى ايه سافرت؟!.


هتف بها ببلاهه وهو ينظر لشقيقته التى علمت من مالك بعد أن عاد من لقائهم متكاسلين عن عملهم.. ابتلعت ريقها بتوتر وهى تنظر له تلعن غباءها وتسرعها لاخباره هتفت بخفوت حذر: معقولة متعرفش، اكيد قالتلك مش كانت معاك… طب شوف اكيد كلمتك والفون صامت.


صاح مستنكراً غاضب: يعنى لو قالتلى كانت سافرت… دا أناا..


قارن حديثه وهو يفحص هاتفه الصامت بالفعل و اشعار من البرنامج التواصل الافتراضي بأن وصله رسالة صوتية من رقمها فتحها بأصابع عصبية حتى صدح صوتها الذى زاده غضباً من هدوءه والنبرة الأمره الخاصة بها والتى تخبره أنه أخر أولوياتها. 


( أبو الفوارس.. زوجى مع وقف التنفيذ، خد نفس كده الأول.. 

برضو خليك رويح وخد نفسك ومتشتمش عيب أنا فى حكم مراتك.. "هنا" تقدرى تمشى دلوقتى شكراً على التنبيه ويلاه بلاش فضول عيب كده)


رفع عينيه تلقائياً وجد شقيقته تستمع بفضول واقفه مكانها فانتفضت عندما سمعتها وكأنها تراهم الأن وتراقبهم فـ خرجت مسرعه من غرفته تمتمت بكلمات غير مفهومه بينما هو أكمل استماعه لصوتها الخبيث


( متفكرش كتير أنا أكيد مش هفوت الحنة عيب وانا هتجوز كل يوم،، ده فاروس حبيبي واحد..)


هربت خفقاته عند نهاية حديثها وكاد غضبه يزول ولكن زاد أضعافاً وهو يسمعها.

( أنا سافرت ومقولتلكش عشان تفكر فى كلامنا كويس وتشوف قرارك قبل ما أرجع ودى فرصتك قبل ما تدبس.. خلى بالك رفاهية الفرص دى مبتتوفرش على طول.. وكمان رأف هيتجوز كارما و بمزاجك على فكرة مافيش كلام.. خلاص خلاص خد كمان نفس كده ودانك هتتلسع من النار الا طالعه وانا ميرضينيش جوزى يقف جنبى ودنه "أذنه" ملسوعه أنا "شهد الشهاوى" برضوا..


سلام يا قلبى اشوفك وأنت جوووزى)


كان وجهه تحول لكتلة من الحمم و أنفه تنفث ناراً وأذنيه شديدة الاحمرار من غضبه ازدادت قبضته حول الهاتف حتى ابيضت سلامياته ثم قذفه بقوة مرطتم بالباب حيث خرجت "هنا "منذ قليل مصدراً صوت عالياً أدى إلي خدشاً بسيط بالشاشة فـ هو اشتراه مخصوصاً من النوع الذى يتحمل حتى لا يلحق بالآخرين بسبب عصبيته صارفاً ثروة صغيرة حتى يحصل عليه.


_ ماااشى يا شهد!.. وحياة أمى لـ مرابكى من أول وجديد، بس لما ترجعى.


صاح شاتماً وهو يلكم الهواء متخيلاّ وجهها أمامه فـ هى لا تتوارع عن استفزازه وتذكيره أنها هى من تتحكم به وهو المسالم الذى لا يستطيع مجابهتها نسيت أنه الرجل وأنها من يجب سماع كلمته ولكن صبراً حتى يطالها بين قبضتيه وسيريها من هو"فارس حربى" .


****************


_ ومين قالك انى موافقه.


هتفت بها تولين وهى تنظر إلى محمود بصبر بعد أن فاجئها بأنه يريدها تستقيل من عملها، اقترب منها وهى جالسة على طرف الفراش بـ قميص حريرى فضى بحمالتين رفيعتين ناسبها بطريقة مؤلمة لقلبه ولكن هذا النقاش أهم بكثير يحب وضع حد لقلقه عليها هى الأن متوقفه عن العمل بسبب حملها و زواجها ولكن لم تكتمل أجازتها بأن أرسلوا لها بريد يريدون عودتها إلى فرنسا لاستكمال عملها بمهمة جديدة ولا يعلم بـ معاد عودتها.


_ يا حبيبى أفهميني!.. مقدرش اخليكى تسافرى تكملى شغلك الا بتبقى واخده كفنك و بتتشهدى وانتى راحه.. طب فكرى فى البيبى ذنبه إيه يتعرض للخطر!!.. طب أنا مش فارق معاكى، لارى موقفها إيه؟؟؟. فوق كل ده انتى ناسية انك اتحجبتى.


هتف مستنكراً هدوءها وابتسمتها البارده وعيناها التى عادت لبرودتها منذ أن اخبرته بأن الوكالة بعثت بطلبها ويجب عليها العودة وهو رفض رفضاً قاطع ولكن ما جعله يفقد أعصابه غضباً هو اجابتها الباردة والمستفزة التى اجابته بها: خلصت.. عن اذنك بقى عشان عاوزه أنام، انا حامل زى ما بتقول.


أنهت حديثها وهى تتمد على المضجع تعطيه ظهرها متظاهره بالتثاؤب هاتفه بنبرة مبهمه: متنساش تمضيلى على إذن السفر..


زاد سخطه عليها ضارباً الفراش بجوارها بقبضة حديدية غاضبه ثم انتفض وهو يشتم بجميع الألفاظ الذى يعلمها دون أن يهبئ بها وغادر صافقاً الباب خلفه بقوة كادت تخلعه من مكانه.. نزل درجات السلم بسرعة غاضبة متجهاً إلى غرفة الرياضة الخاصة بهم حتى ينفس عن غضبه فلو بقى بجوارها لدقيقة أخرى لـ نفس عنه بلكمها بوجهها عل مخها يرتج و تعقل.



      *****


مر ساعة ولم يهدأ إلى الأن، كلما فكر بلا مبالاتها أو موافقتها على العودة لعملها ضد رغبته زاد لكمه لكيس الملاكمة أو جرى فوق المشاية بقوة، جلس يلهث وهو يرفع زجاجة الماء البارد يصب فوق رأسه مخطلته بحبيبات عرقه المنهمر على صدره العاري عله يقلل من حرارته و تناول الماء يروى ريقه الجاف من كثرة عرقه، وعندما أفرغها كلها فوقه قذفها بقوة متدحرجة فوق الأرضية حتى اصطدمت بجهاز حديدى يستخدمه بتقوية عضلات ذراعيه… تنفس بقوة ومازل الغضب يتفاقم بداخل صدره، سمع الباب يفتح ولكن لم يكلف نفسه رفع رأسه يرى من بل ظل مستند بمرفقيه فوق ركبتيه ويهتز بقوة بسبب حركة رجله اليمنى العصبيه، باغته رائحتها التى ذكمت أنفه وملئة صدره لا يخطئها أبداً… لم جاءت إليه الأن رفع رأسه ينظر لعينيها عندما ركعت أمامه تثبت حركته و تضم قبضيه بكفيها الرقيقين هامسة بهدوء ونبرة أمره: اهدا يا محمود وخلينا نتناقش بتحضر طيب.



_ انتى عايزة تجلطينى صح؟!.. وازاى أصلا تنزلى كده.


انتفض واقفاً يصيح بها وغضب وغيرة سيطروا على ختام جملته فـ وقفت وهى تتأوه قليلاً بسبب جلستها الخاطئة وهى حامل ثم جلست مكان جلسته تعدل من الروب الحريرى الطويل والذى لا يجعلها يظهر منها شئ قائلة بمحاولة أن لا يفسد مخططتها: يا حبيبى أنا لابسه الروب أهوه وكمان مهنش عليا أنام وأسيبك زعلان.


التف لها ثم انخفض قليلاً يمسكها من مرفقها جاعلها تقف أمامه وهو يهتف من بين ضروسه: تولين متجننيش!.. روب إيه إلا لابساه انتى ناسية رأف ومالك وكمان مين قالك تيجى أنا عاوزك تنامى وتسيبينى زعلان.


_ يوووه!.. هو الواحد ميعرفش يفاجئك خالص، هم طلبينى عشان متعرضة للتحقيق بسبب استقالتى المفاجئة.


هتفت مستنكرة وهى تحرك كفها تبعد قبضتيه عنها وملتفه نصف لفه وهى تحرك كفها بالهواء بعشوائية والكف الأخر مستريح فوق جنينها بعد أن استدارت بطنها وظهرت قليلاً بتكور لطيف محبب تستمد منه الهدوء والقوة.


ولكن لم يستوعب محمود حديثها لوهله جعلته ينظر لها ببلاهة متمتم ببلادة: وهم لما يطلبوكى للتحقيق تقوليلى انا مسافره فى مهمه لوحدى.


_ أمال أقولك تعالى معايا ومش هتشوفنى لمدة أسبوع لان هبقى داخل الوكالة.


_ كمان!.. كمان هتتحبسى ومن غير ما تقوليلى وعاملة فيها مضحية.


_ ملافظك يا محمود إيه هتتحبسى دى،، ده مجرد تحقيق عن أسباب الاستقالة وتأكدهم من صدقى وإنى منتمتش لأى وكالة منافسه ليهم وخلاص.


_ هى كلمة ومش هتتكرر، هنسافر مع بعض وهنرجع مع بعض وانسى اى لبخ قولتيه… هاااه أوعى،، ويلا قدامى عشان نطلع فى الاسانسير عشان ميقبلكيش رأف أو مالك واحنا طالعين وعلى الله يا تولين،، على الله اشوفك بالمنظر ده برة الجناح بتاعنا يلا قدامى.


تحرك أمامه بخطوات مسرعه وغاضبة ولكن ابتسامة خبيثة تسللت إلى شفتيها بسبب غيرته واهتمامه وحبه لها ولكن.لم يراها.


******************


_ الشيخ بو عواف ألقيه فين؟.


_ مين أنتِ؟.


_ أنا سائحة جاية أشوف حدود بلادى و لما سألت قالوا لازم أدوق قهوة الشيخ بو عواف.


نظر الشاب لها نظرة تقيمية وهو يرتدى الزى العربى من توب أبيض فاخر و شال رأس يثنى أطرافه بطريقة محترفه وثابته فوق رأسه، أما نظراته المتفحصة جاءت من رأسها نزولان إلى نظارتها الغالية والتى لم تتنازل وتخلعها بعد أن حل الليل وبهذا الوقت، نزولاً إلى الكاميرا الحديثة المعلقة برقبتها وكفها اليسار متمسك بها رغم تأففها من تأمله مما جعلها تصيح مستنكرة وتلتفت بنية المغادرة والبحث عن أخر يدلها: أنا غلطانه اني واقفه مع واحد زيك.


_ هادى هادى يا صبية أنا صهيب ابن بو عواف.


زفرت غاضبة ثم استغفرت وهى تعود بوقفتها تقابله قائلة: طب ممكن تقولى هو فين أو تودينى له.


_ عيونى والله..


اجابها ولكن لم تخلوا اجابته من العبث والمكر ثم اشار باتجاه الطريق الذى يتوجب عليهم السير به، كانت الرمال أسفل قدمها تبطئ من حركتها قليلاً، لقد أوقفت سيارتها بمكان أمن حتى تعود إليها فـ هى ميزة من ميزات تلك السيارة الحماية لا يستطيع أحد اختراقها أو كسر زجاجها مهما فعل.


كانت تتأفف بخطواتها ومن ذلك اللزج الذى لم يقلل من حديثه أو تحرشه ان كان تحت مسمى الغزل، زفرت بنفاذ صبر وهى تخلع نظارتها الشمسية متمته من بين ضروسها: يا أخينا احنا هنوصل امتى؟ 


التفت ينظر إليها مبتسماً بسماحة يمتاز بها تلك القبائل والمشهورين بسمار بشرتهم بسبب أشعة الشمس الحارقة بتلك الصحراء على حدود سيناء بمدينة رفح المصرية، مهما مرو سكانها بمعاناة تبقى قلوبهم بيضاء صافية، بها ما يرحب بكل زائر والمساعدة… برقت خضروتيها على ضوء القمر والأضواء الشاحبة من المصابيح حولهم.


_ تبارك الله فيما خلق، ايش ها الجمال الساحر هدا.


نطق بها مبهوراً من جمالها الساحر وعينيها التى شابهت غابات الزيتون بنضارتها وانصهرت كـ زيت الزيتون الحارق فاق من شروده بفتنتها على تأففها للمرة التى لا تعلمها ثم هتفت بقلة صبر: يا أخ أنت!.. لو خلصت بحلقه ممكن تقولى الشيخ فين وهنوصل إمتى؟؟.



سعل بخفه يستردّ ثباته ثم أشار بسبابته الى بيت كبير على مقدمة منهم من طابقين ولكن مساحته كبيرة متمتم بصوت أجش من دهشته وفتنتها التى فتنته بقوة بعد أن رأى ملامحها وجمال عينيها بعد أن قلعت نظارتها الكبيرة و المطبوع عليها اسم ماركة عالمية يدل على ثراءها فلقد رأى الكثير ممن يزورونهم بـ دعاء المتعة والمغامرة و منهم من يصورون معهم لقاءتً تلفزيونية بعد هجوم الإرهاب على أحدى مناطقهم التابعه لهم..: ما عاد شئ وصلنا خلص.


نظرت إلى ما يشار إليه ثم تحركت بإتجاهه دون أن توجه له كلمة واحدة.. وصلت أمام تلك البوابة الخشبية الكبيرة الخاصة بالمنزل.. صعدت بضع درجات ودقت الباب بتلك الحديدة المعلقة به دون أن تنظر إلى صهيب الذى يتبعها باتزان مزيف حتى لا يفقد هيبته أكثر من هذا أمامها، دقيقة وكانت تفتح لها إمرأة بـ منتصف العمر أخذ الدهر من ملامحها ما أخذ و ترتدى عباءة سوداء وبها بعض النقوش بالخيط الأحمر والأخضر التى يمتاز بها أهل تلك المنطقة وتغطى رأسها بشال مشابه للعباءة هاتفه بإستفهام: مين أنتِ يا صبية؟؟.. وكيف أساعدك؟. 


ابتسمت شهد بتملق هاتفه: ممكن أقابل الشيخ بو عواف..


_ اتفضلى.


هتفت بها وهى تبتعد عن فاتحة الباب حتى تدلف فـ هذا الباب لا يقفل بوجهه أى أحد يسأل عن شيخ القبيلة.. جلست شهد كما أشارت لها داخل غرفة بها جلسة عربية مرتفعه قليلاً عن الأرض… خللت أصابعها بين خصلاتها بإرهاق، لقد قادة سيارتها مسافة طويلة و مازال عليها عدم الراحة حتى تنتهى من مهمتها كاملة والعودة للحاق بزفافها، هربت إبتسامة على جانب شفتيها عند تذكرها أن زفافها على فارسها المغوار بعد إسبوع فقط سبعة أيام وتكون " حرم فارس خالد حربى ".. قشعريرة لذيذة غزت جسدها من اللقب فقط و فراشات تتحرك بعشوائية داخل بطنها من تخيل فارس بـ حلة العرس..


فاقت من أحلامها الوردية على حمحمة خشنه وخطوات تدلف الغرفة بوقار وهيبة تليق بصاحبها الذى رفعت رأسها تنظر له ثم وقفت باحترام هاتفه وإبتسامتها تحولت لابتسامة عملية: الشيخ بو عواف.


ابتسم الرجل الستينى بـ وقار و بشاشة هاتفاً بترحيب: صح يا ابنتي،، مرحبا، كيف أخدمك؟؟ ومين أنتِ؟؟ 


تنفست بعمق ثم جلست مكانها بعد أن أشار لها لترتاح وجلس هو بمقابلها ينتظر اجابتها والتى لم تتأخر بها هاتفه: أنا سائحة سمعت عن قهوتك الا بتحضرها بالخيمة تحت شجرة الزيتون و البحر يقابلها. 


اندثرت ابتسامته بـ بطئ وحل مكانها القلق الذى طفر بعينيه ولكن كانت ملامحة ثابته لم يظهر عليها شئ غير هدوءه ورجعت الإبتسامة جافه هاتفاً بمغزى: قهوتى مره ومش أى حد يستحملها يا بنيتى.



_ ومين ميعرفش القهوة العربى الأصيلة ميستحملهاش إلا عربى أصيل بدم مصرى صافى.


_ كل ألا على حذرتك لا تعاودى وتندمى بعد أول رشفة.


اجابته مبتسمة تبثه الأمان والثقة بها.: شربت ياما منها بس قالولى لازم أجرب قهوتك ليها ناكهه بتضيع كل الناكهات الداخيلة.


خبط بـ عصاه الخشبية الأنيقة هاتفاً بصوت عالى: يا أم صهيب.. حضرى غرفة الضيوف عنا ضيفة ليومين.


ابتسمت بمجاملة وحركت رأسها هاتفه: مالوش داعى يا شيخ.. انا بأجر أى مكان هنا.


_ عيب بنيتى أنتى ضيفة للشيخ بو عواف وليكى واجبك وكرم ضيافتك.. يلا روحى مع أم صهيب وهى هتساعدك.


أنهى حديثه بدخول امرأة عرفتها بسبب الشبه الكبير بينها وبين ابنها الذى قابلته ابتسمت لها ثم تحركت معها وهى ترحب بها و ترشيدها لغرفتها التى خرجت منها تلك السيدة التى فتحت لها الباب.


رمت حقيبتها و ارتمت فوق الفراش اليابس قليلاً لقدمه ثم زفرت بعنف عل روحها تهدأ قليلاً ثم اعتدلت وامسكت حقيبتها تفتحها وتخرج منها جهاز هاتف تستعمله بتلك المناطق البعيدة و التى لا تتوفر بها شبكة الهاتف ثم نظرت له قليلاً وبعدها ضربت عدة أرقام رافعه الهاتف إلى اذنها تنتظر اجابة الطرف الاخر والتى هتفت بعد أن فتح الخط على الجهة الأخرى: أنا فى البيت يا بوص متقلقش هرجع قبل المعاد.


******************

يتبع……..

******************





تعليقات

المشاركات الشائعة