الفصل الثانى
_ ما هذا الماء؟!.
قالتها " ثناء " وهى تتلمس تلك الماء بين اصابعها و تقربها من انفها كي تخمن… وقفت وخرجت من غرفة نومها تصيح على زوجها " هاشم " كي يعرف هو هذه المياه المتكرره التى تراها منذ ثلاث أسابيع مرشوشه داخل غرفتها… وقف بـ تمهل من جلسته فـ رجله مصابة… لا يعرف سبب اصابتها و مهما فحصها عند الاطباء لا احد يفيده… تحرك بـ عرج يقابلها قائل بـ وهن.: خيراً " ثناء "... ماذا حدث؟!.
مدت يدها امامه قائلة بـ امتعاض.: اتعرف ما هذه المياه… وجدتها اسفل الكرسي.
امتعضت ملامحه واشار لها كي تريه مكانها… دلف الى الغرفة و رأها… مياه مرشوشه اسفل الكرسي و المرآه و بـ جوار مخدعهم… لم يعرف ماذا يفعل… فلا احد يدلف تلك الغرفة غيره… وغـ…. تذكر عندما كان عائداً من عند احد الاطباء و وجد ابه البكري"مهند" خارج منها و التوتر مرتسم على ملامحه عندما رأه… تحرك مسرعاً يعرج على قدمه… ويستند على الحائط حتيوصل الى غرفتهم… وجدهم يخبئون شئً تحت التخت… صاح بـ اسمائهم… انتفضو مسرعين بـ خوف و رهبة من كشفهم… فـ هم ينفذون رغبة والدتهم حتي تستطيع ان تعود.الى والدهم و يعشون معاً كما تخبرهم بـ زيارتها لهم دائماً بـ مدرسهم…
صدح صوت حاد ناتج عن وقوع ذلك الكيس البلاستيك و بداخله حلى الذهب الخاص بـ زوجة ابيهم… لم يستطيعو ان يحركو ارجلهم لـ يهربو من امامه… بل سارت الرجفة بـ جسدهم و قطرات باردة تنهمر من جبهاتهم… تصنم هو مكانه من صدمته بـ اولاده… لم يحرمهم من شئ… بل كل شئ مجاب حتى ولو كان ليس بـ مقدوره… اول من خرج من الصدمة كانت " ثناء " عندما نهرتهم واتجهت اليهم مسرعه كي تأخذ مصوغاتها الذهبية… فاق من صدمته واتجه اليهم يخلع حزامه الجلدي… لم يعلم ماذا يفعل معهم غير هذا… الضرب كان اخر الحلول بـ النسبه له… توجه اليهم بـ عرج و انزل اول ضرباته على ابنه الصغير… ثم الكبير… يصيح بـ استفهام لما فعلو هذا؟!. هل قصر معهم بـ شئ؟!... حتي لم يتحمل " مهند" تلك الضربات صارخ من بين اهاته ودموعه قائل.: امى من امرتنا بـ فعل هذا؟!.. كي تعود الينا.
وقفت يده معلقة بـ الهواء… واتسعت حدقتاه من قول ابنه التفت الى زوجته المتصنمة بـ جواره تحاول ان تمنعه من ضربهم اكثر...سأل بـ ترقب وهو ينظر اليهم.: امك من؟!.
نطق الصغير… الذي تركته وهو رضيع … لا يفقه اى شئ بـ العالم قائل.: امى "ماهى"... هى امي الوحيدة ليس لدي غيرها..
اغمض عيناه يستجمع اشلائه التي انكسرت بـ داخله من اجابة صغيره… لا يعلم ابن رأها فـ هو انفصل عنها منذ اربع سنوات… تمني ولو لـ مره تصحو مشاعر الامومة بـ داخلها وتطلب رؤيتهم كي لا يتحطمو نفسياً… جلس بـ وهن وألم رجله تزداد عليه بـ شدة… لم يعد يستطيع أن يتحمله… فتح عينيه و نظر الى"مهند" قائل بـ حده.: اين رأيتها.
اخفض رأسه حتي لا يواجهه قائل من بين شهقاته.: بـ المدرسة… تأتي الينا بـ وقت الاستراحة.
صاح بـ صوت جهوري افزعهم حتي تلك المسكينة التى كانت تترقبهم وتفصل بينهم قائل.: بـ ماذا ضحكت عليكم… ماذا علمتكم غير السرقة.
رفع " مهند " رأسه قليلاً كي ينظر له قائل.: تعطيني زجاجة دواء كي افرغها بـ غرفتكم… حتي تبعد عن امي " ثناء "..
فارت دمائه شُل تفكره… لم يعرف ماذا يفعل معهم… وقف بـ ترنح و كاد ان يسقط حزامه عليهم مره اخري… لكن زوجته من تلقاتها مكانهم قائله له.: يكفي ما فعلته… هيا اخرج الان كي تهدأ.
صاح بـ حده و هو يدفعها من امامه كي يصل اليهم.: ابتعدي الان… يحب ان القنهم درساً على ما فعلوه… فـ انا لم اقصر معهم… لم احرمهم من شئ… لم احدث" عمر " عندما تسبب بـ اجهاضك… وقلت صغير… الى هنا وكفي… يكفي ما نمر به…
تلقت ضربة اخري وهي تقف بينهم قائلة.: سامحتهم على فعلتهم… اقسم ان لم تخرج و تتوقف عن ضربهم… سوف اترك المنزل ولن اعود اليه مرة اخري.
نظر اليها مشدوهاً… لا يعرف ماذا يفعل؟!. لقد رأت معه كثيراً… لو اخري مكانها لن تستحمل ما يحدث معها من افعال اولاده… توقف ينظر اليها بـ صمت ساد الغرفة الى صوت بكاء "مهند" و "عمر".
******************
مر الان عشر سنوات منذ ذلك اليوم… عقابنا والدي بـ ان تركنا اليها نذهب لكي نعيش معها وكانت السعادة التى كنا نشعر بها انا واخي… لا استطيع وصفها… أخيراً سوف اعيش مع امي… ولكن لم اعرف انها سوف تأخذنا لـ تحرمنا وتعاقبنا على اقل الاشياء و تدعنها نخدم زوجها المسن… لمدة سنتين… حتي تركتها كي تريح نفسها من مسؤليتنا مره اخري…
الان اعيش مع عمى و زوجته وابناءه… هو من اخذنا بعد ان يأس والدي منا و من افعالنا وتعالج بـ القرآن الكريم بعد ان علم ان السحر والشعوذة سبب مرضه وعرج قدمه و بعد ان تخلت عنا من انجبتنا… الان انا غريب اعيش بين جدران بيت عمى… يجب على ان اساعد زوجته بـ اعمال المنزل كي لا يتخلو عنا هم أيضاً… صرت افعل كل شئ بـ المنزل… لا انكر ان ابي لم يتخلى عنا نهائيا… بل يبعث لنا مصارفنا و ملابسنا و يأخذنا بـ الاجازات… ويأتي الينا… الان عرفت نتائج افعالنا… ان نكون غرباء بين عائلتنا و نشعر بـ الغربه بين احضانهم.
كم تمنيت ان اكون بين ابي وامي مثل اصدقائي… كم تمنيت ان اعود من مدرستي… اجد امي تحضر لنا الطعام و نستقبل ابى بعد عودته من عمله… كم تمنيت ان نجلس انا وابي ليلاً بـ الشرفة ونتحدث مثل الاصدقاء… ان لا اشعر بـ تلك الغربة التي تسيطر على…
هذه كانت امنياتى… لم اعرف انها مستحيلة من قبل… من كانت تتقرب الينا من اجل ان ننفذ ما تأمرنا به… لم تعد تسأل علينا… اخر ما علمته عنها… انها تزوجت مرتين بعد زوجها المسن…
هذه كانت رحلة غربتي… التي لم تنهتى الى الان… ولم يختفي هذا الشعور.
***********************
تمت بـ حمدلله.
اللهم حسن الخاتمة..
اتمني ان تكون رسالتي واضحه الى كل أم و كل أب… راعو الله بـ أولادكم.
تعليقات
إرسال تعليق