الفصل الأول
صاح الديك منبهاً بـ ان أشرقت الشمس مع صوت اذان الفجر الذي يردد من الجامع القريب من المزرعة… ، زفرت بـ راحه من انتهائها من تحميل صناديق الخضار والنباتات الخضراء على العربه المكشوفه المكونه من مقود يشبه الدراجه الناريه وخلفها صندوق مكشوف بـ اطارين ( تروسيكل)...، حتى تذهب بها الى السوق.، جففت عرقها بـ كمها واتجهت الى الامام عند السائق.
_ لقد انتهيت...، يمكنك الذهاب… تعلم اين المكان المخصص لى..؟.
هتفت بها صابرين وهى تؤكد على الشاب الجديد الذي جاء بديل ابيه بـ العمل… اجابها وهو ينظر اليها بـ ابتسامة عمليه.: حافظته يا سيدة صبار…، لا تقلقى سوف انتظرك هناك.
اومأت صابرين وهى تغادر دون ان تعنفه على منادتها بـ ذلك الاسم فـ ما ذنبه لقد عرفت بـ هذا الاسم ولم يعد احد يحدثها الا به.، اشتهرت بـ حدتها واننيتها وقوتها بـ العمل منذ ان جائت الى هنا منذ عشر سنوات كانت مازالت بـ عمر الثاني والعشرون بعد خروجها من الملجئ و جلوسها بـ الشارع لـ مدة عام كامل ذاقت به المر وتعرفت على الدنيا وان لا يوجد بها مكاناً لـ الضعفاء و لا الطيبين العطائين… بل من يلحق اولاً و يأخذ كل شئ بـ انانيته يعيش و العكس لا..
دلفت الى غرفتها المخصصه لها بـ المزرعة وجدت تلك السيدة العجوز تنتظرها… تحبها ولا تستطيع ان تنفذ مبدأها عليها… هى إحدى ملوك المزرعة ولكن لا يأتى الى هنا أحد الا بـ العطلات… عندما توفى الجد جائت هى لـ تعيش هنا اخر أيامها بـ راحه بعيداً عن ضوضاء المدينة.
اقتربت صابرين منها و ركعت امامها تقبل يدها بـ محبه فـ هى تعتبرها والدتها من معاملتها الخاصه معها و أيضاً شفقة عليها عندما وجدت ان لا احد يأتى لـ رؤيتها منذ مجيئها منذ خمس سنوات… الى هنا الا كل عام مره واحده… بـ العطلات الصيفيه فقط.
_ صباح الخير يا نورى.، لما استيقظت مبكراً هكذا.، ما تلك السعادة بـ عينيكِ.
ضحكت وربتت على رأسها بـ حنان فطري ثم هتفت بـ ابتسامة فرحه.: لقد اخبرنى انه قادم.
اجفلتها الصدمة… وقفت وابتعدت عنها بعد ان استجمعت ذاتها قائلة وهى تأخذ وشاحها حتى يدفئها بـ ساعات النهار الاولى.: فـ ليأتى انها مزرعته… لا أملك صلاحية لمنعه ؟.
ابتسمت الجدة بـ خبث هى تعلم ما بـ قلبها وتتمناها لـ حفيدها المفضل… حتى ينعم بـ الراحة بعد طلاقه مازال بـ منتصف الثلاثين ولديه طفل واحد… يعيش معه ايام الدراسة فقط ويغادر تاركاً اياه وحيداً… بـ العطلات.
نظرت الى طيف صابرين ثم دعت الى الله يجمعهم ثم دفعت كرسيها المتحرك الالكترونى الى الخارج.
*****************
_ الخضار الطازج… قررررب… الخضار الطازج.
صاحت بها صبرين وهى تقف خلف الطاولة القصيرة التى تضع عليها صناديق الخضار والنباتات الخضراء … بـ مكانها المعتاد بـ السوق الخاص بـ البلدة السياحية.
_ كم ثمن الجرجير والطماطم؟.
هتفت بها احدى السيدات وهى تقارن بين رابطة الجرجير والاخرى…
**************
جلست على كرسي القيادة الخاص بـ (التروسيكل) تحرك يدها وطرف حجابها كى يأتى بعض الهواء بـ هذا الوقت الحار… انتهى ماجد من تحميل الصناديق الفارغه ثم اتجه اليها يستند بـ ساعده على المقود امامها قائلاً.: لقد انتهيت يا سيدة صبار… كيف كان يومك؟.
التفتت اليه بـ حده عندما لاحظت قربه منها ثم وثبت من مكانها واقفه ثم قالت بـ حده.: حسناً… اذهب الان وانا سوف انهى ما ورائي ثم الحق بك… انتبه بعد الان الى المسافات بيننا حتى لا تندم عندما ينغرز بك شوك الصبار.
انهت جملتها بـ غضب ثم التفتت دون سماع اى رد منه متجه الى مكانها الخاص التى تفرغ به همها بعيداً عن اى بشر.. غير عابئه بـ وجهه الذى إكتسحه الاحمرار من الاحراج والغضب بسبب حديثها.
*************
جلست على الصخور المتراصه بـ جوار بعضها فاصل بين الماء… ظلت تتأمل جمال وابداع الخالق الذى جمع بين الماء العذب والمالح بـ مكان واحد… تذكرت اياته … قول جل وعلا : ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ . فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) الرحمن/19-21.
_ سبحان ما ابدع خلقه.
هتفت بها وهى تنظر الى المياه… اغمضت عندما تذكرته… هو قادم… معذبها وجلادها… ولكن لما تلقى اللوم عليه… هى من تجنبته بعد لقائهم الكارثى الأخير …حضور طليقته تلك المغرورة التى كانت تعاملها بـ دونيه… كانت تتأمر عليها وتوقعها بـ المشاكل دائماً… تذكرت أول لقاء لها معه.
*****
كانت تجلس فوق شجرة التفاح بـ أريحه وتأكل واحده قطفتها… شكرت الله على أنها لم تقابل تلك المغرورة زوجة السيد الصغير… أغمضت عينيها وهى تستلذ طعم قضمة التفاحة الطازجة حتى قاطع صفائها اصوات عالية اشبه بـ توبيخ أحداً… اعتدلت بـ جلستها على الفرع لا تظهر منه تصنت بـ تمعن الى الصوت الصارخ حتى تأكد ظنها تلك الشمطاء تنهر احد العاملين… هى من جلبته لـ نفسها لن تتركها اليوم.
قفزت بـ رشاقة من فوق الشجرة ولكن تفاجئت بـ انها قفزت فوق أحداً يمر دون أن تراه… اعتدلت صارخة تنظر الى الرجل الذى قفزت فوقه وجدته هو… مدلل العائلة… زوج الشمطاء المغرورة… ظلت تتأمله بـ ملامحه الرجوليه وذقنه الحليقة التى تظهر غمازته بـ وضوحاً… وعينيه السوداء الساحره و انفه الرفيع المدبب وشفتيه الغليظة قليلاً… ملامحه الشرقية الاخذه… لم تسمعه ولم تشعر بـ أى شئ حولها ظلت تتأمله وهى ممدده فوقه دون ان تشعر ويده تحاوط خصرها بـ تلقائية عندما اوشكت على الوقوع بعد قفزها فوقه… تلقفها هو واقعاً على ظهره… فاقت على صراخ الشمطاء ثم دفعها من فوقه قائلة.: كيف تجرؤين على فعل هذا؟
اغمضت عينيها تسبها ثم فتحتها وهى تقف تعدل ثيابها وحجابها وتنفض الاتربه من فوق دون ان تجيبها… مما زاد من غضبها واقتربت منها ثم صفعتها على وجهها بـ غضب… جعل عينيها تتحول الى غابات خضراء اقرب الى السواد واحاطتها دماء انفجرت من غضبها جعلها تدفعه من امامها بعد ان كان يبعد زوجته عنها و يعنفها… دفعته بـ غضب ثم امسكتها من شعرها القصير المصبوغ بـ اللون الاشقر و صفعتها مرتين بـ قوة ثم دفعتها عليه تلقافها هو بين احضانه بـ زهول من فعلتها واخذ حقها دون أن يرف لها جفن أنهم أسيادها.
غادرت بعدها تسبها بـ أبشع الألفاظ التى تعلمتها بـ الملجأ والشارع… خسرت عملها ومأوها بـ التأكيد ولكن هى لن تندم الأن … يكفى أنها أخذت حقها منها ضعفين…
*****
فاقت من ذكرياتها عندما لطمتها الموجه الهائجه مثل حياتها بـ وجهها… غرقت ملابسها جميعاً بـ الماء… استغفرت ربها ثم وقفت منفضه الماء ثم عصرت طرف حجابها وطرف بلوزتها التى تصل الى منتصف فخذها واسفلها بنطال الجينز….ثم رابطة حول خصرها حقيبتها الصغيرة التى تضع بها اشيائها ومالها الذى إكتسبته بـ عرقها … عازمة على استمرارها بـ تجاهله كما تفعل دائماً… لن تتركه يقترب منها هى تعلمت حماية قلبها على مدار اثنى وثلاثون عاماً ولن تفقد زمام اموره الان.
اخذت اول خطواتها الى الطريق وقررت ان تنتظر سيارة الاجرة الشبيه بـ الاتوبيس الصغير المنتشرة بـ هذه البلدة .( الميكروباص ).
_ الى اين يريد الغزال الذهاب؟… فل يأتى ونوصله نحن.
صدحت تلك العبارة من احدى السيارات الفاخرة التى توقفت امامها وبها بعض الشباب المدلل… يفكرونها فتاة ليل… تأففت وتحركت بعيداً عنهم ولكن لم يتركها… تحركوا بـ بطئ بـ السيارة بـ جوارها… هم الجانين على انفسهم… لقد حاولوا قطف الصبار بـ ايدهم و لم تكن هى المسؤلة توقفت زافره انفاسها بـ غضب قائلة: استغفر الله… اللهم طولك يا روح.
التفتت اليهم صارخة.: اذهب الى منزلك بـ التأكيد امك تبحث عنك لـ تغير الحفاضة.
احمر وجه الشاب الذى كان يتحدث غضباً وتعالت ضحكات اصدقاءه عليه… ترجل من السيارة بـ غضب ولحق بـ خطواتها قبل ان تعبر الطريق… ادارها بـ منتصف الطريق الخاص بـ السيارات ولم يأبه بـ السيارات المارة ويتابعونهم قائلا بـ ابتسامة سمجة.: لما التدلل… سوف ارضيكِ وتأخذين حقك أيضاً.
ابتسمت ابتسامة لا يعلم معناها الا هى… اتسعت ابتسامته ظنً انها وافقت على مرافقته , فاجئته انها تحركة لـ جواره ثم نظرت اليه وبظرف ثانية كانت تدفعه امام السيارة القادمة بـ اتجاههم تزامناً مع ترجل اصدقاءه من السيارة عندما رأوها تدفعه بـ صدمه وصياحهم بـ إسمه.
**************
يتبع…….
**************
مع حبى ♥.
أميرة الإبداع "ميرا جبر" .
تعليقات
إرسال تعليق